280

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الثالثة

Tahun Penerbitan

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

وَلَوْ صَحَّ حَدِيثُ أَسْمَاءَ فَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّ التَّسَلُّبَ هُوَ لِبَاسُ الْحُزْنِ، وَهُوَ مَعْنًى غَيْرُ الْإِحْدَادِ.
وَأَمَّا الْخُرُوجُ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: خُرُوجُ انْتِقَالٍ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ؛ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ آيَةَ الْإِخْرَاجِ لَمْ تُنْسَخْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ.
الثَّانِي: خُرُوجُ الْعِبَادَةِ، كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ: يَحْجُجْنَ لِأَدَاءِ الْفَرْضِ عَلَيْهِنَّ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ: لَا يَحْجُجْنَ؛ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ ﵁ يَرُدُّ الْمُعْتَدَّاتِ مِنْ الْبَيْدَاءِ يَمْنَعُهُنَّ الْحَجَّ؛ فَرَأْيُ عُمَرَ فِي الْخُلَفَاءِ وَرَأْيُ مَالِكٍ فِي الْعُلَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ عُمُومَ فَرْضِ التَّرَبُّصِ فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى عُمُومِ زَمَانِ فَرْضِ الْحَجِّ، لَا سِيَّمَا إنْ قُلْنَا إنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي. وَإِنْ قُلْنَا عَلَى الْفَوْرِ فَحَقُّ التَّرَبُّصِ آكَدُ مِنْ حَقِّ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْعِدَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى ثُمَّ لِلْآدَمِيِّ فِي صِيَانَةِ مَائِهِ وَتَحْرِيرِ نَسَبِهِ؛ وَحَقُّ الْحَجِّ خَاصٌّ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ.
الثَّالِثُ: خُرُوجُهَا بِالنَّهَارِ لِلتَّصَرُّفِ وَرُجُوعُهَا بِاللَّيْلِ؛ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ، وَيَكُونُ خُرُوجُهَا فِي السَّحَرِ وَرُجُوعُهَا عِنْدَ النَّوْمِ، فَرَاعُوا الْمَبِيتَ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ السُّكْنَى وَمَقْصُودُهُ، وَإِلَيْهِ تَرْجِعُ حَقِيقَةُ الْمَأْوَى.
فَإِنْ قِيلَ، وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَمْ يَرَ أَحَدٌ مَبِيتَ لَيْلَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ سُكْنَى لِلْبَائِتِ حَيْثُ بَاتَ، وَلَا خُرُوجًا عَنْ السُّكْنَى، فَمَا بَالُهُمْ فِي الْعِدَّةِ قَالُوا: خُرُوجُ لَيْلَةٍ خُرُوجٌ؟ قُلْنَا: الْمَعْنَى فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ حَقَّ الْخُرُوجِ مُتَعَلَّقُ الْمَبِيتِ فَاحْتِيطَ لَهُ، وَالْحَيُّ يَحْمِي شَوْلَهُ مَعْقُولًا، فَلَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِيهِ.

1 / 282