Ahkam Quran
أحكام القرآن لابن العربي
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
الثالثة
Tahun Penerbitan
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Lokasi Penerbit
بيروت - لبنان
[الْآيَة الْحَادِيَة وَالْخَمْسُونَ قَوْله تَعَالَى وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدنيا]
وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ [البقرة: ٢٠٤] فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: قَالَ قَوْمٌ: نَزَلَتْ فِي الْأَخْنَسِ بْنِ شُرَيْقٍ الثَّقَفِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ: وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بِالْمَدِينَةِ، وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، ثُمَّ خَرَجَ، وَقَالَ: اللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَصَادِقٌ، ثُمَّ خَرَجَ وَمَرَّ بِزَرْعٍ لِقَوْمٍ وَحُمُرٍ، فَأَحْرَقَ الزَّرْعَ وَعَقَرَ الْحُمُرَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ صِفَةُ الْمُنَافِقِ، وَهُوَ أَقْوَى.
[مَسْأَلَةٌ الْحَاكِمَ لَا يَعْمَلُ عَلَى ظَاهِرِ أَحْوَالِ النَّاسِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنْ الْحَاكِمَ لَا يَعْمَلُ عَلَى ظَاهِرِ أَحْوَالِ النَّاسِ، وَمَا يَبْدُو مِنْ إيمَانِهِمْ وَصَلَاحِهِمْ حَتَّى يَبْحَثَ عَنْ بَاطِنِهِمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ مَنْ الْخَلْقِ مَنْ يُظْهِرُ قَوْلًا جَمِيلًا وَهُوَ يَنْوِي قَبِيحًا.
وَأَنَا أَقُولُ: إنَّهُ يُخَاطِبُ بِذَلِكَ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ حَاكِمٍ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ أَلَّا يُقْبِلُ أَحَدٌ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ أَحَدٍ حَتَّى يَتَحَقَّقَ بِالتَّجْرِبَةِ، وَيَخْتَبِرُ بِالْمُخَالَطَةِ أَمْرَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ ﷺ: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَه إلَّا اللَّهُ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «إنَّمَا أُمِرْت بِالظَّاهِرِ وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ».
1 / 201