Ahkam Quran
أحكام القرآن لابن العربي
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
الثالثة
Tahun Penerbitan
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Lokasi Penerbit
بيروت - لبنان
[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ الْوَصِيَّة]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ فِي حُكْمِهَا وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ: قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا وَاجِبَةٌ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ».
وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ؛ وَاخْتَلَفُوا فِي نَسْخِهَا؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: نُسِخَ جَمِيعُهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: نُسِخَ بَعْضُهَا، وَهِيَ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ؛ وَالصَّحِيحُ نَسْخُهَا، وَأَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ إلَّا فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بَيَانُهُ أَوْ الْخُرُوجُ بِأَدَاءٍ عَنْهُ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ اللَّفْظُ بِظَاهِرِهِ، وَذِكْرُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ الْحَقِّ الَّذِي يَقْتَضِي الْحَثَّ، وَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَالنَّدْبَ.
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى إنْ تَرَكَ خَيْرًا]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٠]: يَعْنِي مَالًا، وَقَدْ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - فِي تَقْدِيرِهِ، وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ والأحْكامِيُّونَ أَقْوَالًا كُلُّهَا دَعَاوَى لَا بُرْهَانَ عَلَيْهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَخْتَلِفْ وَلَا يَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ، بَلْ يُوصِي مِنْ الْقَلِيلِ قَلِيلًا، وَمِنْ الْكَثِيرِ كَثِيرًا، وَحَيْثُ وَرَدَ ذِكْرُ الْمَالِ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ يُسَمَّى بِالْخَيْرِ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ.
رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يَفْتَحُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْكُمْ مِنْ بَرَكَةِ الدُّنْيَا فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَا
1 / 102