73

Hukum Quran

أحكام القرآن

Penyiasat

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Penerbit

دار إحياء التراث العربي

Lokasi Penerbit

بيروت

مَا كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ] قَالَ هُمْ النَّصَارَى لَا يَدْخُلُونَهَا إلَّا مُسَارَقَةً فَإِنْ قُدِرَ عَلَيْهِمْ عُوقِبُوا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ قَالَ يُعْطُونَ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَرَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ في هذه الآية قال هم النصارى خربو بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا رُوِيَ فِي خَبَرِ قَتَادَةَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ غَلَطًا مِنْ رَاوِيهِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَخْبَارِ الْأَوَّلِينَ أَنَّ عَهْدَ بَخْتَ نَصَّرَ كَانَ قَبْلَ مَوْلِدِ الْمَسِيحِ ﵇ بِدَهْرِ طَوِيلٍ وَالنَّصَارَى إنَّمَا كَانُوا بَعْدَ الْمَسِيحِ وَإِلَيْهِ يَنْتَمُونَ فَكَيْفَ يَكُونُونَ مَعَ بَخْتَ نَصَّرَ فِي تخريب بيت المقدس والنصارى إنما استقاض دِينُهُمْ فِي الشَّامِ وَالرُّومِ فِي أَيَّامِ قُسْطَنْطِين الْمَلِكِ وَكَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَتِي سَنَةٍ وَكُسُورٍ وإنما كانوا قبل ذلك صابئين عبدة أو ثان وَكَانَ مِنْ يَنْتَحِلُ النَّصْرَانِيَّةَ مِنْهُمْ مَغْمُورِينَ مُسْتَخِفِّينَ بِأَدْيَانِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ النَّصَارَى تَعْتَقِدُ مِنْ تَعْظِيمِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِثْلَ اعْتِقَادِ الْيَهُودِ فَكَيْفَ أَعَانُوا عَلَى تَخْرِيبِهِ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ فِيهِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْآيَةَ إنَّمَا هِيَ فِي شَأْنِ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ مَنَعُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّ سَعْيَهُمْ فِي خَرَابِهِ إنَّمَا هُوَ مَنْعُهُمْ مِنْ عِمَارَتِهِ بِذِكْرِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى مَنْعِ أَهْلِ الذِّمَّة دُخُولَ الْمَسَاجِدِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ] وَالْمَنْعُ يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالْآخَرُ الِاعْتِقَادُ وَالدِّيَانَةُ وَالْحُكْمُ لِأَنَّ مِنْ اعْتَقَدَ مِنْ جِهَةِ الدِّيَانَةِ الْمَنْعَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فِي الْمَسَاجِد فَجَائِزٌ أَنْ يُقَالَ فِيهِ قَدْ مَنَعَ مَسْجِدًا أَنْ يَذْكُرَ فِيهِ اسْمَهُ فَيَكُونُ الْمَنْعُ هَاهُنَا مَعْنَاهُ الْحَظْرُ كَمَا جَائِز أَنْ يُقَالَ مَنَعَ اللَّهُ الْكَافِرِينَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْعُصَاةَ مِنْ الْمَعَاصِي بِأَنْ حَظَرَهَا عَلَيْهِمْ وَأَوْعَدَهُمْ عَلَى فِعْلِهَا فَلَمَّا كَانَ اللَّفْظُ مُنْتَظِمًا لِلْأَمْرَيْنِ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ وَقَوْلُهُ [أُولئِكَ مَا كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إخْرَاجَهُمْ مِنْهَا إذَا دَخَلُوهَا لَوْلَا ذَلِكَ مَا كَانُوا خَائِفِينَ بِدُخُولِهَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي قَوْلُهُ [وَسَعى فِي خَرابِها] وَذَلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُخَرِّبَهَا بِيَدِهِ وَالثَّانِي اعْتِقَادُهُ وُجُوبَ تَخْرِيبِهَا لِأَنَّ دِيَانَاتهمْ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَتُوجِبُهُ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ [أُولئِكَ مَا كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ] وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَنْعِهِمْ مِنْهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا وَيَدُلُّ عَلَى مِثْلِ دَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْله تَعَالَى [مَا كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ] وَعِمَارَتُهَا تَكُون مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا بِنَاؤُهَا وَإِصْلَاحُهَا وَالثَّانِي حُضُورُهَا وَلُزُومُهَا كَمَا تَقُولُ فُلَانٌ يَعْمُرُ مجلس

1 / 75