417

Hukum Quran

أحكام القرآن

Editor

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Penerbit

دار إحياء التراث العربي

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Tafsiran
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ فَأَخْبَرَ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِمَا مَعَ وُجُودِ الْكُفْرِ مِنْهُمَا فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْكُفْرَ لَيْسَ بِعِلَّةٍ مُوجِبَةٍ لِتَحْرِيمِ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي سِيَاقِ تَحْرِيمِ الْمُشْرِكَاتِ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ فَجَعَلَهُ عَلَمًا لِبُطْلَانِ نِكَاحهنَّ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي تَجُرِّي مَجْرَى الْعِلَل الشَّرْعِيَّةِ فَلَيْسَ فِيهِ تَأْكِيدٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ مِنْ الِاسْمِ فَيَجُوزُ تَخْصِيصُهُ كَتَخْصِيصِ الِاسْمِ وَإِذَا كَانَ قَوْله وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَجُوز بِهِ تَخْصِيصُ التَّحْرِيمِ الَّذِي عَلَقَ بِالِاسْمِ جَازَ أَيْضًا تَخْصِيصُ الْحُكْمِ الْمَنْصُوبِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي أُجْرِيَ مَجْرَى الْعِلَل الشَّرْعِيَّةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَذَكَر مَا يَحْدُثُ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمَحْظُورَةِ وَأَجْرَاهَا مَجْرَى الْعِلَّة وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ إجْرَاؤُهَا فِي مَعْلُولَاتهَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَحْرُمَ سَائِرُ الْبِيَاعَاتِ وَالْمُنَاكَحَاتِ وَعُقُودِ الْمُدَايَنَات لِإِرَادَةِ الشَّيْطَان إيقَاعَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ بَيْنَنَا فِي سَائِرهَا وَأَنْ يَصُدَّنَا بِهَا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ اعْتِبَارُ الْمَعْنَى فِي سَائِر مَا وُجِدَ فِيهِ بَلْ كَانَ مَقْصُورَ الْحُكْمِ عَلَى الْمَذْكُور دُونَ غَيْره كَانَ كَذَلِكَ حُكْمُ سَائِرِ الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَنْصُوص عَلَيْهَا مِنْهَا وَالْمُقْتَضَيَةِ وَالْمُسْتَدَلِّ عَلَيْهَا وَهَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَخْصِيصِ الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ فَوَجَبَ بِمَا وَصَفْنَا أَنْ يَكُونَ حُكْمُ التَّحْرِيمِ مَقْصُورًا فِيمَا وَصَفْنَا عَلَى الْمُشْرِكَات مِنْهُنَّ دُونَ غَيْرهنَّ وَيَكُونَ ذِكْرُ دُعَائِهِمْ إيَّانَا إلَى النَّارِ تَأْكِيدًا لِلْحَظْرِ فِي الْمُشْرِكَات غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِهِ إلَى سِوَاهُنَّ لِأَنَّ الشِّرْكَ وَالدُّعَاءَ إلَى النَّار هُمَا عَلَمًا تَحْرِيمِ النِّكَاح وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْكِتَابِيَّاتِ وَقَدْ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ فِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ الْمُحَارِبِينَ كَانُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلِلْمُؤْمِنِينَ فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ لِئَلَّا يُمَكَّنَ بِهِمْ إلَى مَوَدَّةِ أَهَالِيهِنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَيُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى التَّقْصِيرِ مِنْهُمْ فِي قِتَالِهِمْ دُونَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْمُوَادِّينَ الَّذِينَ أُمِرْنَا بِتَرْكِ قِتَالهمْ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ يُوجِبُ تَحْرِيمَ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ الْحَرْبِيَّاتِ لِوُجُودِ هَذَا الْمَعْنَى وَلَا نَجِدُ بُدًّا مِنْ الرُّجُوعِ إلَى حُكْمِ مَعْلُولِ هَذِهِ الْعِلَّة بِمَا قَدَّمْنَا وقَوْله تَعَالَى وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ مَعَ وُجُودِ الطَّوْلِ إلَى الْحُرَّة لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِتَزْوِيجِ الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَةِ بَدَلًا مِنْ الْحُرَّة الْمُشْرِكَة الَّتِي تُعْجِبهُمْ وَيَجِدُونَ الطَّوْل إلَيْهَا وَوَاجِدُ الطَّوْلِ إلَى الْحُرَّة

2 / 19