412

Hukum Quran

أحكام القرآن

Editor

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Penerbit

دار إحياء التراث العربي

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Tafsiran
لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الندب والإرشاد وقوله وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِيهِ إبَاحَةُ خَلْطِ مَالِهِ بِمَالِهِ وَالتِّجَارَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُخَالِطَ الْيَتِيمَ بِنَفْسِهِ فِي الصِّهْرِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَأَنْ يُزَوِّجَهُ بِنْتَهُ أَوْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَةَ بَعْضَ وَلَدِهِ فَيَكُونُ قَدْ خَلَطَ الْيَتَامَى بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَاخْتَلَطَ هُوَ بهم فقد انتظم قوله وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ إبَاحَةَ خَلْطِ مَالِهِ بِمَالِهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ وَجَوَازَ تَزْوِيجِهِ بَعْضَ وَلَدِهِ وَمَنْ يَلِي عَلَيْهِ فَيَكُونُ قَدْ خَلَطَهُ بِنَفْسِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْمُخَالَطَةِ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فُلَانٌ خَلِيطُ فُلَانٍ إذَا كَانَ شَرِيكًا وَإِذَا كَانَ يُعَامِلُهُ وَيُبَايِعُهُ وَيُشَارِيهِ وَيُدَايِنُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا وَكَذَلِكَ يُقَالُ قَدْ اخْتَلَطَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ إذَا صَاهَرَهُ وَذَلِكَ كُلُّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْخُلْطَةِ الَّتِي هِيَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْحُقُوقِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ فِيهَا وَهَذِهِ الْمُخَالَطَةُ مَعْقُودَةٌ بِشَرِيطَةِ الْإِصْلَاحِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا تَقْدِيمُهُ ذِكْرَ الْإِصْلَاحِ فِيمَا أَجَابَ بِهِ مِنْ أَمْرِ الْيَتَامَى وَالثَّانِي قَوْلُهُ عَقِيبَ ذِكْرِ الْمُخَالَطَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَإِذَا كَانَتْ الْآيَةُ قَدْ انْتَظَمَتْ جَوَازَ خَلْطِهِ مَالَ الْيَتِيمِ بِمَالِهِ فِي مِقْدَارِ مَا يَغْلِبُ فِي ظَنِّهِ أَنَّ الْيَتِيمَ يَأْكُلهُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدْ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْمُنَاهَدَةِ الَّتِي يَفْعَلُهَا النَّاسُ فِي الْأَسْفَارِ فَيُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا مَعْلُومًا فَيَخْلِطُونَهُ ثُمَّ يُنْفِقُونَهُ وَقَدْ يَخْتَلِفُ أَكْلُ النَّاسِ فَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ أَبَاحَ فِي أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ فَهُوَ فِي مَالِ الْعُقَلَاءِ الْبَالِغِينَ بِطِيبَةِ أَنْفُسِهِمْ أَجْوَزُ وَنَظِيرُهُ فِي تَجْوِيزِهِ الْمُنَاهَدَةَ قَوْله تَعَالَى فِي قِصَّةِ أَهْلِ الْكَهْفِ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعامًا
فَكَانَ الْوَرِقُ لَهُمْ جَمِيعًا لِقَوْلِهِ بِوَرِقِكُمْ فَأَضَافَهُ إلَى الْجَمَاعَةِ وَأَمْرَهُ بِالشِّرَاءِ لِيَأْكُلُوا جَمِيعًا مِنْهُ وقوله وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ قَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ جَوَازِ
الْمُشَارَكَةِ وَالْخُلْطَةِ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ بِمَا يَتَحَرَّى فِيهِ الْإِصْلَاحَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِخْوانُكُمْ قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ إذْ هُوَ مَنْدُوبٌ إلَى مَعُونَةِ أَخِيهِ وَتَحَرِّي مَصَالِحِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ (وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)
فَقَدْ انْتَظَمَ قَوْلُهُ فَإِخْوانُكُمْ الدَّلَالَةَ عَلَى النَّدْبِ وَالْإِرْشَادِ وَاسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ بِمَا يَلِيهِ منه وقوله وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ يَعْنِي بِهِ لِضَيَّقَ عَلَيْكُمْ فِي التَّكْلِيفِ فَيَمْنَعُكُمْ مِنْ مُخَالَطَةِ الْأَيْتَامِ وَالتَّصَرُّفِ لَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَلَأَمَرَكُمْ بِإِفْرَادِ أَمْوَالِكُمْ عَنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ لَأَمَرَكُمْ عَلَى جِهَةِ الْإِيجَابِ بِالتَّصَرُّفِ لَهُمْ وَطَلَبِ الْأَرْبَاحِ بِالتِّجَارَاتِ لَهُمْ وَلَكِنَّهُ وَسَّعَ وَيَسَّرَ وَأَبَاحَ لَكُمْ التَّصَرُّفَ لَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ وَوَعَدَكُمْ

2 / 14