Hukum Quran
أحكام القرآن
Editor
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Penerbit
دار إحياء التراث العربي
Lokasi Penerbit
بيروت
Genre-genre
Tafsiran
فَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِمَعْنَى الْآيَةِ هُوَ الْجِمَاعُ نَفْسُهُ لِأَنَّ رَفَثَ الْكَلَامَ غَيْرُ مُبَاحٍ وَمُرَاجَعَةُ النِّسَاءِ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ لَيْسَ لَهَا حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالصَّوْمِ لَا فِيمَا سَلَفَ وَلَا فِي الْمُسْتَأْنَفِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِمْ مِنْ الْجِمَاعِ فَأُبِيحَ لَهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَنُسِخَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَظْرِ وقَوْله تَعَالَى [هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ] بِمَعْنَى هُنَّ كَاللِّبَاسِ لَكُمْ فِي إبَاحَةِ الْمُبَاشَرَةِ وَمُلَابَسَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
إذَا مَا الضَّجِيعُ ثَنَى عِطْفَهُ ... تَثَنَّتْ عَلَيْهِ فَكَانَتْ لِبَاسَا
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِاللِّبَاسِ السِّتْرُ لِأَنَّ اللِّبَاسَ هُوَ مَا يَسْتُرُ وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى اللَّيْلَ لِبَاسَا لِأَنَّهُ يَسْتُرُ كُلَّ شَيْءٍ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ بِظَلَامِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى ذَلِكَ فَالْمُرَادُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَتَرَ صَاحِبَهُ عَنْ التَّخَطِّي إلَى مَا يَهْتِكُهُ مِنْ الْفَوَاحِشِ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَفِّفًا بِالْآخَرِ مُسْتَتِرَا بِهِ وقَوْله تَعَالَى [عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ] ذِكْرٌ لِلْحَالِ الَّتِي خَرَجَ عَلَيْهَا الْخِطَابُ وَاعْتِدَادٌ بِالنِّعْمَةِ عَلَيْنَا بِالتَّخْفِيفِ بِإِبَاحَةِ الْجِمَاعِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي لَيَالِي الصَّوْمِ وَاسْتِدْعَاءٌ لِشُكْرِهِ عَلَيْهَا وَمَعْنَى قوله [تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ] أَيْ يَسْتَأْثِرُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي مُوَاقَعَةِ الْمَحْظُورِ مِنْ الْجِمَاعِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بَعْدَ النَّوْمِ فِي ليالي الصوم كقوله [تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ] يَعْنِي يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ كُلَّ وَاحِدٍ فِي نَفْسِهِ بِأَنَّهُ يَخُونُهَا وَسَمَّاهُ خَائِنًا لِنَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ كَانَ ضَرَرُهُ عَائِدًا عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَ الْمُسْتَأْثِرِ لَهُ فَهُوَ يُعَامِلُ نَفْسَهُ بِعَمَلِ الْخَائِنِ لَهَا وَالْخِيَانَةُ هِيَ انْتِقَاصُ الْحَقِّ على جهة المساترة قوله تعالى [فَتابَ عَلَيْكُمْ] يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا قَبُولُ التَّوْبَةِ مِنْ خِيَانَتِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَالْآخَرُ التَّخْفِيفُ عَنْكُمْ بِالرُّخْصَةِ وَالْإِبَاحَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى [عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ] يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ خَفَّفَ عَنْكُمْ وَكَمَا قَالَ عَقِيبَ ذِكْرِ حُكْمِ قَتْلِ الْخَطَإِ [فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ] يَعْنِي تَخْفِيفَهُ. لِأَنَّ قَاتِلَ الْخَطَأ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا تَلْزَمُهُ التَّوْبَةُ مِنْهُ وقَوْله تَعَالَى [وَعَفا عَنْكُمْ] يَحْتَمِلُ أَيْضًا الْعَفْوَ عَنْ الذَّنْبِ الَّذِي اقْتَرَفُوهُ بِخِيَانَتِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ لَمَّا أَحْدَثُوا التَّوْبَةَ مِنْهُ عَفَا عَنْهُمْ فِي الْخِيَانَةِ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا التَّوْسِعَةُ وَالتَّسْهِيلُ بِإِبَاحَةِ مَا أَبَاحَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَفْوَ يُعَبَّرُ بِهِ فِي اللُّغَةِ عَنْ التَّسْهِيلِ
كَقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ (أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ)
يَعْنِي تسهيله وتوسعته وقوله تعالى [فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ] إبَاحَةٌ لِلْجِمَاعِ الْمَحْظُورِ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي ليالي الصوم والمباشرة هي إلصاق البشر بِالْبَشَرَةِ وَهِيَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
1 / 282