Hukum Quran
أحكام القرآن
Penyiasat
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Penerbit
دار إحياء التراث العربي
Lokasi Penerbit
بيروت
احْتَاجَ فِي دُخُولِهِ فِيهِ إلَى نِيَّةٍ وَقَالَ مَالِكٌ مَا لَمْ يَكُنْ وُجُوبُهُ مُعَيَّنًا مِنْ الصِّيَامِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ وما كَانَ وُجُوبُهُ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ كَأَنْ يَعْلَمَهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ صَائِمًا وَاسْتَغْنَى عَنْ نِيَّةِ الصِّيَامِ بِذَلِكَ فَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فَصَامَ أَوَّلَ يَوْمٍ أَنَّهُ يُجْزِيهِ بَاقِيَ الْأَيَّامِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ إذَا نَوَاهُ فِي آخِرِ النَّهَارِ أَجْزَأَهُ قَالَ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ لَهُ أَجْرُ مَا يَسْتَقْبِلُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُحْتَاجُ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ أَنْ يَنْوِيَهُ مِنْ اللَّيْلِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجْزِيهِ نِيَّةُ صَوْمِ رَمَضَانَ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُجْزِي كُلُّ صَوْمٍ وَاجِبٍ رَمَضَانَ وَغَيْرَهُ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ وَيُجْزِي صَوْمَ التَّطَوُّعِ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ فَأَمَّا الدَّلَالَةُ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ اكْتَفَى بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لِلشَّهْرِ كُلِّهِ فَهُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ افْتِقَارِ صَوْمِ الْيَوْمِ الثَّانِي إلَى الدُّخُولِ فِيهِ وَالدُّخُولُ فِي الصَّوْمِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِنِيَّةٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ شَرْطُ الْيَوْمِ الثَّانِي إيجَادَ النِّيَّةِ كَالْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَإِنْ قِيلَ يَكْتَفِي بِالنِّيَّةِ الْأُولَى وَهِيَ نِيَّةٌ لِجَمِيعِ الشَّهْرِ كما يتجزى فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي أَوَّلِهَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ النِّيَّة لِكُلِّ رَكْعَةٍ وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَتَخَلَّلُ رَكَعَاتِهَا صَلَاةٌ أُخْرَى غَيْرَهَا كَمَا لَا يَتَخَلَّلُ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامٌ مِنْ غَيْرِهِ قِيلَ لَهُ لَوْ جَازَ أَنْ يَكْتَفِيَ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لِلشَّهْرِ لَجَازَ أَنْ يَكْتَفِيَ بِهَا لِعُمْرِهِ كُلِّهِ فَلَمَّا بَطَلَ هَذَا وَاحْتَاجَ إلَى نِيَّةٍ لِأَوَّلِ يَوْمٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ النِّيَّةُ لِسَائِرِ أَيَّامِ الشَّهْرِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِسَائِرِ عُمُرِهِ وَأَمَّا تَشْبِيهُهُ بِالصَّلَاةِ فَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا اُكْتُفِيَ فِيهَا بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَفْعُولٌ بِتَحْرِيمَةٍ وَاحِدَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ فَكَانَتْ الرَّكَعَاتُ كُلُّهَا مَبْنِيَّةً عَلَى تِلْكَ التَّحْرِيمَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ مَتَى تَرَكَ رَكْعَةً حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كُلُّهَا وَأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِأَنْ أَفْطَرَ فِيهِ لَمْ يَبْطُلْ عَلَيْهِ صَوْمُ سَائِرِ الشَّهْرِ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِفِعْلِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى إذْ النِّيَّةُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِلدُّخُولِ فِيهَا فَأَمَّا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ إذَا دَخَلَ اللَّيْلُ خَرَجَ مِنْ الصَّوْمِ وَلِذَلِكَ
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ (إذَا أَقْبَلَ الليل من هاهنا وَغَابَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ)
فَاحْتَاجَ بَعْد الْخُرُوجِ مِنْ صَوْمِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَى الدُّخُولِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلَمْ يَصِحَّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِالنِّيَّةِ الْمُتَجَدِّدَةِ وَإِنَّمَا أَجَازَ أَصْحَابُنَا تَرْكَ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْل فِي كُلِّ صَوْمٍ مُسْتَحَقِّ الْعَيْنِ إذَا نَوَاهُ قَبْلَ الزَّوَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] وَهَذَا قَدْ شَهِدَ الشَّهْرَ فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ مأمورا بصومه
1 / 245