Hukum Quran
أحكام القرآن
Penyiasat
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Penerbit
دار إحياء التراث العربي
Lokasi Penerbit
بيروت
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ قَيْسِ بْنِ السَّائِبِ أَنَّهُ كَبِرَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّوْمِ فَقَالَ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّيْنِ فَأَطْعِمُوا عَنِّي ثَلَاثًا وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَحَدَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ التَّخْيِيرُ فِيهِ مِنْ الصِّيَامِ أَوْ الْإِطْعَامِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا فَعَلَهُ مُنْفَرِدًا فَهُوَ فَرْضٌ لَا تَطَوُّعَ فِيهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُرَادَ الْآيَةِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ المراد الجمع بين الصيام والطعام فيكون الفرد أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ التَّطَوُّعُ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى [وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ] فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الْآيَةِ فِيمَنْ يُطِيقُ الصَّوْمَ مِنْ الْأَصِحَّاءِ الْمُقِيمِينَ غَيْرِ الْمَرْضَى وَلَا الْمُسَافِرِينَ وَلَا الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ الْإِفْطَارُ هُوَ الَّذِي يَخَافُ ضَرَرَ الصَّوْمِ وَلَيْسَ الصَّوْمُ بِخَيْرٍ لِمَنْ كَانَ هَذَا حَالُهُ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ تَعْرِيضِ نفسه للتلف بالصوم والحامل والمرضع لا تخلو ان من أن يضربهما الصَّوْمُ أَوْ بِوَلَدَيْهِمَا وَأَيُّهُمَا كَانَ فَالْإِفْطَارُ خَيْرٌ لَهُمَا وَالصَّوْمُ مَحْظُورٌ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ لَا يضربهما وَلَا بِوَلَدَيْهِمَا فَعَلَيْهِمَا الصَّوْمُ وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُمَا الْفِطْرُ فَعَلِمْنَا أَنَّهُمَا غَيْرُ دَاخِلَتَيْنِ فِي قَوْله تعالى [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ] وقوله [وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ] عَائِدٌ إلَى مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي أَوَّلِ الْخِطَابِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ [وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ] عَائِدًا إلَى الْمُسَافِرِينَ أَيْضًا مَعَ عَوْدِهِ عَلَى الْمُقِيمِينَ الْمُخَيَّرِينَ بَيْن الصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ فَيَكُونُ الصَّوْمُ خَيْرًا لِلْجَمِيعِ إذْ كَانَ أَكْثَرُ الْمُسَافِرِينَ يُمْكِنُهُمْ الصَّوْمُ فِي الْعَادَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ فِيهِ الْمَشَقَّةُ وَدَلَالَتُهُ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْطَارِ وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ صَوْمَ يَوْمٍ تَطَوُّعًا أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ نِصْفِ صَاعٍ لِأَنَّهُ فِي الْفَرْضِ كَذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا خَيَّرَهُ فِي الْفَرْضِ بَيْنَ صَوْمِ يَوْمٍ وَصَدَقَةِ نِصْفِ صَاعٍ جَعَلَ الصَّوْمَ أَفْضَلَ مِنْهَا فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُمَا فِي التَّطَوُّعِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّق.
بَابُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وإذا خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَإِنَّهُمَا تُفْطِرَانِ وَتَقْضِيَانِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُرْضِعِ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا وَلَا يَقْبَلُ الصَّبِيُّ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّهَا تُفْطِرُ وَتَقْضِي وَتُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا مِسْكِينًا وَالْحَامِلُ إذَا أَفْطَرَتْ لَا إطْعَامَ عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَإِنْ خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَهُمَا مِثْلُ الْمَرِيضِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَفْطَرَتَا وَعَلَيْهِمَا
1 / 223