197

Hukum Quran

أحكام القرآن

Penyiasat

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Penerbit

دار إحياء التراث العربي

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Tafsiran
حَدِّ الْقِصَاصِ لِأَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي حَدِّ الِاعْتِدَاءِ الَّذِي أَوْعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ قوله [فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ] وَقَوْلُهُ [وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ] يَمْنَعُ أَنْ يُجْرَحَ أَكْثَرَ مِنْ جِرَاحَتِهِ أَوْ يُفْعَلَ بِهِ أَكْثَرَ مِمَّا فَعَلَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ لَا زَائِدًا عَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِعَدَمِ التَّيَقُّنِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَغْلِبُ فِي الظَّنِّ إذَا اجْتَهَدَ أَنَّهُ قَدْ وَضَعَ السِّكِّينَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ حَظٌّ فَكَيْفَ يَجُوزُ الْقِصَاصُ عَلَى وَجْهٍ نَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ مُسْتَوْفٍ لِأَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَجَانٍ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ جِنَايَتِهِ وَأَيْضًا لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلَا يُحَرِّقَهُ وَلَا يُغْرِقَهُ وَهَذَا يَدُلُّ على أن ذلك مراد بِالْآيَةِ وَإِذَا كَانَ الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ مُرَادًا ثَبَتَ أَنَّ الْقِصَاصَ هُوَ إتْلَافُ نَفْسِهِ بِأَيْسَرِ وُجُوهِ القتل وإذا ثبت أن ذلك مراد انْتَفَتْ إرَادَةُ التَّحْرِيقِ وَالتَّغْرِيقِ وَالرَّضْخِ وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ لِأَنَّ وُجُوبَ الِاقْتِصَارِ عَلَى قَتْلِهِ بِالسَّيْفِ يَنْفِي وُقُوعَ غَيْرِهِ فَإِنْ قِيلَ اسْمُ الْمِثْلِ فِي الْقِصَاصِ يَقَعُ عَلَى قَتْلِهِ بِالسَّيْفِ وَعَلَى أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ فِعْلِهِ وَلَهُ إنْ لَمْ يَمُتْ أَنْ يَقْتُلَهُ بِالسَّيْفِ وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ بَدِيًّا عَلَى قَتْلِهِ بِالسَّيْفِ فَيَكُونَ تَارِكًا لِبَعْضِ حَقِّهِ وَلَهُ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الرَّضْخُ وَالتَّحْرِيقُ مُسْتَحِقًّا مَعَ قَتْلِهِ بِالسَّيْفِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي الْقِصَاصَ وَفِعْلَ الْمِثْلِ وَمِنْ حَيْثُ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْقِصَاصَ لَا غَيْرُ فَغَيْرُ جَائِزٍ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى يُنَافِي مَضْمُونَ اللَّفْظِ وَحُكْمَهُ وَعَلَى أَنَّ الرَّضْخ بِالْحِجَارَةِ وَالتَّحْرِيقَ وَالتَّغْرِيقَ وَالرَّمْيَ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ بِهِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ إذَا كَانَ هُوَ اسْتِيفَاءَ الْمِثْلِ
فَلَيْسَ لِلرَّضْخِ حَدٌّ مَعْلُومٌ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ فِي مَقَادِيرِ أَجْزَاءِ رَضْخِ الْقَاتِلِ لِلْمَقْتُولِ وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ وَالتَّحْرِيقُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُرَادًا بِذِكْرِ الْقِصَاصِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إتْلَافَ نَفْسِهِ بِأَوْحَى الْوُجُوهِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ فِي الْمُنَقِّلَةِ وَالْجَائِفَةِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ عَلَى مَقَادِيرِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ
فَكَذَلِكَ الْقِصَاصُ بِالرَّمْيِ وَالرَّضْخِ غَيْرُ مُمْكِنٍ اسْتِيفَاؤُهُ فِي مَعْنَى الْإِيلَامِ وَإِتْلَافِ الْأَجْزَاءِ الَّتِي أَتْلَفَهَا فَإِنْ قِيلَ لَمَّا كَانَ الْمِثْلُ يَنْتَظِمُ مَعْنَيَيْنِ وَكَذَلِكَ الْقِصَاصُ أَحَدُهُمَا إتْلَافُ نَفْسِهِ كَمَا أَتْلَفَ فَيَكُونُ الْقِصَاصُ وَالْمِثْلُ فِي هَذَا الْوَجْهِ إتْلَافَ نَفْسٍ بِنَفْسٍ وَالْآخَرُ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ اسْتَعْمَلْنَا حُكْمَ اللَّفْظِ فِي الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ عُمُومَهُ يَقْتَضِيهِمَا فَقُلْنَا نَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا اسْتَوْفَى الْمِثْلَ مِنْ جِهَةِ

1 / 199