Hukum Quran
أحكام القرآن
Penyiasat
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Penerbit
دار إحياء التراث العربي
Lokasi Penerbit
بيروت
أَسْمَاءَ أَوْثَانِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ ذِكْرِ الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ لِأَكْلِ الْمَيْتَةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى [وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ] وَقَالَ [فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الضَّرُورَةَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَأَطْلَقَ الْإِبَاحَةَ فِي بَعْضِهَا بِوُجُودِ الضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا صِفَةٍ وَهُوَ قَوْلُهُ [وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ] فاقتضى ذلك وجود الإباحة بوجود الضَّرُورَةِ فِي كُلِّ حَالٍ وُجِدَتْ الضَّرُورَةَ فِيهَا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى [فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ] فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمَسْرُوقٌ [غَيْرَ باغٍ] في الميتة [وَلا عادٍ] فِي الْأَكْلِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَبَاحُوا لِلْبُغَاةِ الْخَارِجِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَكْلَ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا أَبَاحُوهُ لِأَهْلِ الْعَدْلِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ بَاغِيًا عَلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ إذَا اُضْطُرَّ إلَيْهَا وَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ كَانَ بَاغِيًا عَلَى الْإِمَامِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وقوله [إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ] يُوجِبُ الْإِبَاحَةَ لِلْجَمِيعِ مِنْ الْمُطِيعِينَ وَالْعُصَاةِ وَقَوْلُهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى [غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ] وقوله [غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ] لَمَّا كَانَ مُحْتَمِلًا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْبَغْيَ وَالْعُدْوَانَ فِي الْأَكْلِ وَاحْتَمَلَ الْبَغْيُ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ لَنَا تَخْصِيصُ عُمُومِ الْآيَةِ الْأُخْرَى بِالِاحْتِمَالِ بَلْ الْوَاجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا يُوَاطِئُ مَعْنَى الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ وَأَيْضًا فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ بَلْ كَانَ سَفَرُهُ لِحَجٍّ أَوْ غَزْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ بَاغِيًا عَلَى رَجُلٍ فِي أَخْذِ مَالِهِ أو عاديا في ترك صلاة أو ذكاة لَمْ يَكُنْ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ مَانِعًا مِنْ اسْتِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ لِلضَّرُورَةِ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ [غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ] لم يرد به انفاء البغي والعدان فِي سَائِرِ الْوُجُوهِ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْهُ مَخْصُوصٍ فَيُوجِبُ ذَلِكَ كَوْنَ اللَّفْظِ مُجْمَلًا مُفْتَقِرًا إلَى الْبَيَانِ فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْآيَةِ الْأُولَى بِهِ لِتَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَظَاهِرِهِ وَمَتَى حَمَلْنَا ذَلِكَ عَلَى الْبَغْيِ وَالتَّعَدِّي فِي الْأَكْلِ اسْتَعْمَلْنَا اللَّفْظَ عَلَى عُمُومِهِ وَحَقِيقَتِهِ فِيمَا أُرِيدَ بِهِ وَوَرَدَ فِيهِ فَكَانَ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا عَلَى عُمُومِهِ وَالْآخَرُ أَنَّا لَا نُوجِبُ بِهِ تَخْصِيصَ قَوْلِهِ [إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ
1 / 156