58

Ahkam al-Siyam

أحكام الصيام

Editor

محمد عبد القادر عطا

Penerbit

دار الكتب العلمية

Tahun Penerbitan

1406 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Fiqh Hanbali

مضبوطة لتحول الأرض بينه وبين الشمس فمعرفة الكسوف والخسوف لمن صح حسابه مثل معرفة كل أحد أن ليلة الحادي والثلاثين من الشهر لا بد أن يطلع الهلال، وإنما يقع الشك ليلة الثلاثين. فنقول الحاسب غاية ما يمكنه إذا صح حسابه أن يعرف مثلاً أن القرصين اجتمعا في الساعة الفلانية، وأنه عند غروب الشمس يكون قد فارقها القمر، إما بعشر درجات مثلاً، أو أقل، أو أكثر، والدرجة هي جزء من ثلاثمائة وستين جزءاً من الفلك.

فإنهم قسموه اثني عشر قسماً، سموها ((الداخل)): كل برج إثنا عشر درجة، وهذا غاية معرفته، وهي بتحديدكم بينهما من البعد في وقت معين في مكان معين. هذا الذي يضبطه بالحساب. إما كونه يرى أو لا يرى فهذا أمر حسي طبيعي ليس هو أمراً حسابيّاً رياضياً. وإنما غايته أن يقول: استقرأنا أنه إذا كان على كذا وكذا درجة يرى قطعاً أو لا يرى قطعاً: فهذا جهل وغلط، فإن هذا لا يجري على قانون واحد لا يزيد ولا ينقص في النفي والإثبات. بل إذا كان بعده مثلاً عشرين درجة. فهذا يرى ما لم يحل حائل، وإذا كان على درجة واحدة فهذا لا يرى، وأما ما حول العشرة، فالأمر فيه يختلف باختلاف أسباب الرؤية من وجوه :

أحدها : أنها تختلف، وذلك لأن الرؤية تختلف لحدة البصر وكلاله فمع دقته يراه البصر الحديد دون الكليل، ومع توسطه يراه غالب الناس، وليست أبصار الناس محصورة بين حاصرين، ولا يمكن أن يقال يراه غالب الناس، ولا يراه غالبهم؛ لأنه لو رآه اثنان علق الشارع الحكم بها بالإجماع، وإن كان الجمهور لم يروه، فإذا قال لا يرى بناء على ذلك كان مخطئاً في حكم الشرع، وإن قال يرى بمعنى أنه يراه البصر الحديد، فقد لا يتفق فيمن يتراءى له من يكون بصره حديداً، فلا يلتفت إلى إمكان رؤية من ليس بحاضر .

السبب الثاني : أن يختلف بكثرة المترائين وقلتهم، فإنهم إذا كثروا كان أقرب أن يكون فيهم من يراه لحدة بصره، وخبرته بموضع طلوعه، والتحديق نحو

58