ﷺ وَخُلَفَائِهِ الَّتِي لَا مَعْدِلَ عَنْهَا، فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْجِزْيَةَ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بِالشَّرْعِ تَقْدِيرًا لَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ، وَلَا مُعَيَّنَةِ الْجِنْسِ.
قَالَ الْخَلَّالُ: الْعَمَلُ فِي قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَزِيدَ فِي ذَلِكَ وَيَنْقُصَ عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ مُعَيَّنَةَ الْجِنْسِ فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعَ، فَاسْتَقَرَّ قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَهَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَأَوَّلُ مَنْ جَعَلَ الْجِزْيَةَ عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁، جَعَلَهَا عَلَى الْغَنِيِّ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَعَلَى الْفَقِيرِ اثْنَيْ عَشَرَ، وَصَالَحَ بَنِي تَغْلِبَ عَلَى مِثْلَيْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الزَّكَاةِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَتْ عَلَى قَدْرٍ وَاحِدٍ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَخْتَلِفَ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: مَا شَأْنُ أَهْلِ الشَّامِ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَأَهْلِ الْيَمَنِ عَلَيْهِمْ دِينَارٌ؟ قَالَ: جُعِلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْيَسَارِ، وَقَدْ زَادَهَا عُمَرُ أَيْضًا عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ فَصَيَّرَهَا خَمْسِينَ دِرْهَمًا.
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّ الْوَاجِبَ دِينَارٌ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ
1 / 132