وقالت امرأة: طول الليل ونحن نسمع أغاني وتراتيل وصنوج ونواقيس تدق في بيت الشدياق.
وقال الخوري: الشدياق قديس لا شك فيه، فالشمس كسفت مرتين مثل هذا الكسوف: مرة يوم موت سيدنا يسوع المسيح، ومرة اليوم، هنيئا لنا صار عندنا قديس، وهو وحده يغل لنا ويدر علينا أكثر من ألف وقف.
الأرملة مارينا
1
الأرملة (مارينا) من (عين كفاع) بيتها علية مؤلفة من أربع غرف وبهو، مسقوف بالقرميد، وإلى جانبه الشمالي والقبلي بئر وقبو، تواجه بوابته كنيسة مار روحانا، المشيدة على أنقاض برج قديم، وفي ظلها تتفيأ المقبرة النائم فيها من رقدوا بالرب على رجاء القيامة.
أما عين كفاع فقرية متواضعة، قائمة على رابية بين الجبال، تطل على البحر من الجهة الشمالية، حيث يمتد نهر شتوي طويل متعرج، تتناوح حوله شماريخ الجبال فتكاد تتصافح، وتتفكك سلسلة ذلك المنظر الرائع عند جسر المدفون. وفي الجبال المنتصبة حول عين كفاع مغاور عديدة مفتحة الأشداق كحناجر المظلومين، أشهرها مغارة سيدة القطين التي كانت ديرا للحبساء الأبرار في ذلك الزمان، ولا تزال آثاره قائمة في قلب ذلك الصخر تلقي على الذين يبصرون دروسا وعبرا.
وأمام القرية - شرقا - ينبسط سهل صغير مقعر يسمونه (الوطا) كله أشجار زيتون يتخللها تين وسفرجل وإجاص، وأدواح سنديان وعفص وبطم تتعرش عليها الكرمة، فتغني الملاكين عن القلال. ويلتف الوطا - قبلة - حول القرية فيتصل غربا بواد يمتد حتى يتصل بالنهر الشتوي الذي كأنما سموه المدفون لاختفائه بين الجبال حتى تكاد لا تراه.
فعين كفاع كما رأيت جزيرة برية لا يدخلها قادم إلا من الجهة الشرقية فكأنها حصن طبيعي، وبيت جرجس يوسف عبود زوج مارينا ثاني بيت تراه إذا دخلت القرية من بابها الشرقي الشمالي، اشتراه جرجس ورممه فصار من بيوت القرية المعدودة، موقعه جميل، على كتف الوطا. وكان جرجس ميسورا فأنفق عليه أموالا كثيرة فجدد شباب التوت - رحم الله عهده - وأعد قسما لزراعة الدخان المثلثة الرحمات.
وما استراح جرجس من أعماله حتى تتالت عليه المصائب والبلايا، فلم ينعم طويلا بهذا البيت فكأنما أعده ليموت فيه. توفاه الله فجأة صباح عيد الميلاد منذ سنين، بعد وفاة ابنه يوسف الشاب بثلاثة أشهر، فترك زوجا أرملة لها بنون وبنات قاصرون وقاصرات.
وكثيرا ما علل الناس - في القرية وجوارها - مصائب جرجس ونكباته، فعدوها من عجائب العذراء - عليها السلام - فبيت جرجس وما يتبعها من عقار كان وقفا لها فاشتراه من بكركي بمئات الليرات الصفراء الرنانة.
Halaman tidak diketahui