Pemikiran dan Manusia: Sejarah Pemikiran Barat
أفكار ورجال: قصة الفكر الغربي
Genre-genre
كان التقديس العقلي في العصور الوسطى للكلمة المنقولة عقبة في سبيل نمو العلم أشد من طرق التفكير الاستنباطية لدى الرجل من أبناء تلك العصور. وربما كانت «عادة» الاعتقاد بأن الكلمة المكتوبة الثابتة حجة حتى في وجه الإدراك العام، ثابتة في أصلها عن قبول المسيحيين للإنجيل باعتباره كلمة الله، غير أن التسليم بالإنجيل أساسا كان في العصور الوسطى عقبة في طريق التجربة العلمية أخف من كتب أرسطو والأدب الكلاسيكي القديم الذي وصل إليها. وقد مالت العصور الوسطى إلى الأخذ بكلمة أرسطو، وكلمة بلايني - وهو مؤرخ طبيعي روماني شديد التصديق - وكلمة جالن - وهو طبيب مجيد ولكنه ربما كان نظريا أكثر مما ينبغي - وذلك خاصة في كل ما يتعلق بما نسميه اليوم علم البيولوجيا (علم الأحياء).
وكانت العصور الوسطى - فوق ذلك - زمنا ذاع فيه التصديق الشديد بين الناس إلى درجة الاعتقاد في الخرافة كما يبدو لنا. ومهما يكن من شيء فقد كان القرن الثالث عشر قريبا جدا من العصور المظلمة. وكان على المفكرين في العصور الوسطى أن يكافحوا لانتشال الحقيقة من أعماق الجهل. ومع ذلك فإن التصديق والخرافة - بل والقبول المطلق لحجة منقولة معينة في شئون قد تكون هذه الحجة فيها على خطأ أو غير ذات صلة بالموضوع - لم تختف البتة من المجتمع الغربي الحديث. وقد تجد في أية مكتبة شعبية في أمريكا كتبا في التنجيم، ثم لماذا تكون ممثلة السينما حجة في تأثير تدخين السجاير على الحلق؟ وكذلك تظهر ثعابين البحر في الصحف بانتظام شديد.
ومن الحق أن البيولوجيين المحترفين يرجحون عدم وجود ثعابين البحر أو السمكة الخرافية ذات القرن. ومن الحق أن كثيرا من المتعلمين في العصور الوسطى اعتقدوا فيما يبدو أن أمثال هذه المخلوقات - بل وأغرب منها - موجودة. أي إن بعض أنواع العقائد التي نجدها اليوم مناقضة لتجاربنا كان يؤمن بها في العصور الوسطى أفراد من مرتبة اجتماعية وعقلية عالية جدا. وقد نشأ هؤلاء العقليون في العصور الوسطى في ثقافة حية مسيحية تؤمن بوجود الله، وهذه الثقافة وضعت حدا بين الطبيعي وما فوق الطبيعي في مستوى أدنى بكثير - بمقياس التجربة العادية - مما يمكن أن يكون عليها مستوانا، اللهم إلا إذا نال أحدنا تربية استثنائية حقا. ولم يكن ظهور «العلامات» (على الأيدي والأعقاب في المواضع التي سمر فيها المسيح فوق الصليب) في قديس مثل فرانسيس الأسيسي مما يحتاج إلى دليل لإثبات الحقيقة أو إلى نظرية لإثبات إمكان حدوثها؛ فإن الكاثوليكيين المخلصين اليوم يسعدون جدا لو عثروا على تفسير طبي لهذه الظاهرة، ولقد حاول بعضهم فعلا إيجاد مثل هذا التفسير.
هذا القبول التام للمعجزة لم يكن ليؤدي إلى الدراسة الوئيدة الصابرة للحوادث الطبيعية التي لا تقع فيها مفاجآت معجزة. غير أن العقبة الأكبر في طريق العلم التجريبي في العصور الوسطى كانت تتمثل في مجموعة المحرمات التي كانت تحول دون دراسة تشريح الإنسان - ومع ذلك فإن هذه المحرمات كانت تفوق هذه الدراسة ولا تحول دونها في أخريات القرون الوسطى. هذه المحرمات - وهي اجتماعية بمقدار ما هي دينية - حالت دون تشريح الجسم البشري؛ فإن العقيدة المسيحية التي تؤمن إيمانا ثابتا بمبدأ بعث الإنسان بجسده لم تكن لتسمح بتقليع الجسم الذي لا بد أن يظهر أمام خالقه في يوم من الأيام. ومع ذلك فإن جانبا كبيرا مما قد نسميه ونحن عابسون التجربة في جثث الموتى التي كانت تجرى في مدارس الطب الشهيرة في العصور الوسطى، كمدرسة ساليرنو في إيطاليا ومنتبلير في فرنسا - بالإضافة إلى ما أنجزه القدامى والعرب في هذا الميدان - وضع الأساس العريض الذي أقيم عليه فيما بعد العلم التجريبي.
يجب إذن أن نسلم بأن العلم التجريبي في العصور الوسطى في جميع الميادين - وبخاصة علوم الحياة - واجه عقبات كثيرة: السيادة الشاملة نسبيا للإيمان بعالم آخر إيمانا يزدري الاهتمام العلمي بشئون هذه الدنيا، وعادة التفكير الاستنباطي الذي لا يميل إلى الاعتراف بضرورة اختبار سلسلة التفكير - بين الحين والحين - بالرجوع إلى ما يسميه العالم «الوقائع»، وتقديس الكلمة القديمة المنقولة بغير نقد وتصديق شديد، أو - بتعبير سلبي - اختفاء ذلك الضرب من التشكك الذي يراه العالم ضروريا، وقبول المعجزة قبولا شديدا يضعف من دراسة الواقع المألوف، وهي دراسة تعد من أساسيات العلوم، وأخيرا قبول الواقع المألوف باعتباره عملا إلهيا معجزا، ومن ثم فهو غير مفهوم في حقيقته بالتعبير العلمي. وبرغم هذه العقبات كلها فقد كان ما أنجزته العصور الوسطى التي استغرقت ألف عام من الناحية العلمية عملا عظيما جدا.
فقد أدخلت العصور الوسطى تحسينات كثيرة على الآلات الرياضية التي لولاها لما كان هنالك علم حديث. وبمعونة ما نقلوه عن العرب والهنود احتفظت هذه العصور بما أداه الإغريق في الهندسة واخترعت علم الجبر الجديد. وهنا أيضا وضعت هذه العصور أساسا عريضا استطاع أن يصل عن طريقه نيوتن وغيره إلى حساب التكامل والتفاضل وغير ذلك من قواعد الرياضة الحديثة. ولكن ربما كانت هذه الأعمال أقل في أهميتها من حيلة فنية ليست رفيعة جدا، بل هي تكاد تكون وسيلة عملية لا غنى لنا جميعا عنها؛ ذلك أن علماء الرياضة في العصور الوسطى - عن طريق الهنود والوسطاء العرب - استطاعوا في النهاية أن يفيدوا من الحيلة البسيطة التي نسميها «الصفر»، وباقي الأعداد الأخرى التي نعرفها. وإن كنت تعتقد أن هذا الأمر لا أهمية له فحاول أن تحل مسألة بسيطة كقسمة
MDCCIV
على
LXVI (أي 1704 على 66 بالكتابة الرومانية) مع التزامك دائما بطبيعة الحال لهذه الطريقة الرومانية في كتابة الأعداد.
إن أبرز إنجازات العصور الوسطى في العلوم الرسمية كان في هذا الميدان، ميدان الرياضة الاستنباطي، الذي كانت بعض العقبات التي ذكرناها بالنسبة إليه أقل في أهميتها بكثير منها في الميادين التجريبية. وبالرغم من ذلك فقد حدث تقدم محدد في كثير من العلوم الرسمية الأخرى قبل نهاية القرن الخامس العشر بوقت طويل، وهو القرن الذي يعين عادة بداية العصور الحديثة. ويكاد كل منا يعرف اسم روجر بيكون، وهو راهب بريطاني عاش في القرن الثالث عشر، يسبق عمله في الإطراء على الاستقراء والتجربة عمل سميه المشهور فرانسيس بيكون الذي جاء بعده بأكثر من ثلاثة قرون. ولم يكن روجر بيكون العالم الوحيد في العصور الوسطى، ولم يلاق اضطهادا بسبب آرائه. وفي حياته الطويلة التي امتدت ثمانين عاما أسهم في الحياة العقلية في عصره، وهي الحياة التي كانت تعني آنئذ، كما تعني اليوم، الانحياز إلى أحد الجانبين في المشكلات الكبرى. ومن الواضح أن بيكون كان اسميا أو تجريبيا بشكل ما، يعارض الواقعيين أو المثاليين، ولكنه لم يكن زنديقا، ولم يكن ماديا متخفيا، وكثير من الآمال التي عقدها على طريقة التجربة كان يتجه نحو زيادة توضيح حقائق الديانة المسيحية، ومع ذلك فظاهره ولا شك حديث، أو ربما كان بريطانيا فحسب، يقول: «هناك ثلاث طرق يظن الناس أنهم يستطيعون بها أن يحصلوا على معرفة الأشياء، وهي: النقل، والتعليل، والتجربة. والطريقة الأخيرة وحدها من بين الطرق الثلاث هي الفعالة التي تستطيع أن تجلب للعقل الطمأنينة.»
Halaman tidak diketahui