Pemikiran dan Manusia: Sejarah Pemikiran Barat
أفكار ورجال: قصة الفكر الغربي
Genre-genre
وربما كان أهم الأدوار التي لعبتها المسيحية في تاريخ الغرب قد تم أداؤه في الفترة التي تعرف في التاريخ بالعصور الوسطى؛ عصور الفروسية والإقطاع، التي كان الناس ينقسمون فيها إلى طبقتين اثنتين؛ فهم إما سادة وإما عبيد، ولا تكاد الطبقة الوسطى يكون لها وجود.
وفي هذه العصور كانت الكنيسة هي أهم المؤسسات الثقافية، ونفوذها أقوى من نفوذ أية هيئة أخرى، والفلسفة كلها تدور حول موضوعات الدين. ومن أجل دراسة الدين وعلومه أنشئت الجامعات في هذه الحقبة من تاريخ الغرب، وكان لها هي الأخرى سلطان يلي في أهميته سلطان الكنيسة.
وبالرغم من اتساع الهوة بين المثل الرفيعة التي ينادي بها الدين وواقع الحياة كما كان في العصور الوسطى، فقد كان المجتمع في تلك القرون من تاريخ أوروبا مجتمعا مستقرا، يعتقد فيه الإنسان أن الدنيا هكذا خلقت، وأن تقسيم الناس إلى نبلاء وأرقاء من طبيعة الأمور. وإذا كنا نقول اليوم بالتطور المستمر في الخليقة وفي المجتمع البشري، وفي التقدم المتصل في شئون الحياة، وفي علاقات الناس بعضهم ببعض، إذا كنا نعتقد ذلك منذ القرن الثامن عشر على الأقل، وبعد الدفعة القوية التي دفعها داروين بفلسفته، فقد كان أسلافنا في العصور الوسطى يؤمنون بالثبات وبالاستقرار الدائم فوق الأرض.
بيد أن هذا الإيمان بالثبات الذي أخذت به تلك العصور الوسيطة لم يحل دون اطراد التقدم في العلوم وفي نظام المجتمع، ولم يكن الدين وحده هو كل شيء في حياة المرء؛ فقد كان هناك الفرسان والرهبان على السواء. ولا نغالي إذا قلنا إن ثقافة العصور الوسطى لم تكن ثقافة مستقلة في حد ذاتها منقطعة الصلة عما قبلها وما بعدها؛ إذ إنها - مهما يكن من شيء - كانت حلقة في سلسلة تطور الفكر الغربي، بل لعلها كانت مقدمة للفكر الحديث. وبالرغم مما كان يسودها من روح التشاؤم فلم تخل من بارقة أمل في المستقبل تحول في نهايتها وفي بداية العصور الحديثة إلى نظرة متفائلة إلى حياة الإنسان في هذه الدنيا.
ومن ثقافة تلك العصور انبثقت نهضة أوروبا في العلوم والفنون في القرن السادس عشر، وحركة الإصلاح الديني البروتستانتي، وهما نزعتان إنسانيتان، ترميان إلى تخليص المرء من كثير من الخرافات العلمية والدينية، وإلى الدعوة إلى الاعتقاد في «الطبيعي» ونبذ كل «ما وراء الطبيعي» من الأمور الخارقة التي لا يسندها العقل أو يعللها المنطق.
واشتد الإيمان بالعقل تدريجا حتى هل القرن الثامن عشر وقامت حركة عامة في أوروبا تعرف بحركة التنوير تقرر إمكان تحقيق الكمال المنشود في هذه الدار الأولى بجهد العقل الإنساني، فتفاءل الناس واستبشروا بحياتهم بعدما كانوا ينظرون إلى هذه الحياة نظرة متشائمة قاتمة، ويؤمنون بأن الحياة الكريمة، والسعادة والنعيم، لا تتحقق إلا في الدار الآخرة، في الفردوس كما جاء وصفه في الكتاب المقدس.
وفي أواخر القرن الثامن عشر اندلع لهيب الثورة في فرنسا لتقضي على ما تبقى في حياة الناس من آثار الإقطاع، فأخذت بفكرة التقدم وأيدتها، ثم عززها بالعلم داروين. وآمن الناس بالحرية الفردية إلى أقصى الحدود، ولعلهم بالغوا في هذا الاتجاه إلى درجة تكاد تبلغ حد الفوضى، حتى أشرف القرن التاسع عشر، وكان عصر حكم الملكة فكتوريا في بريطانيا، فأخذ المفكرون يحدون من هذا التطرف، ويحاولون أن يقفوا من الحرية موقفا وسطا، فلا ينطلق الفرد دون مبالاة بحقوق المجتمع؛ فكانت فترة من فترات التوفيق والاتزان.
وهذا التوازن بين الأضداد هو من سمات القرن التاسع عشر في أوروبا؛ التوازن بين سلطة المجتمع وحرية الفرد، بين الولاء للأمة والولاء للإنسانية قاطبة، بين قبول الجديد والاحتفاظ بالتقليد، بين الإيمان بالله والإيمان بالآلة ... وهكذا، حتى كان هذا القرن العشرون الذي نعيش فيه، فاضطرب الميزان، واشتعلت الحرب العالمية الأولى في مستهله، والحرب العالمية الثانية في منتصفه، وكان الإنسان يريد أن يشق طريقه إلى المعرفة الصحيحة بقوة السلاح! وكان من أثر ذلك أن تبين لأصحاب الرأي بعد حرب فكرية ضروس أن التوسط لا بد أن يمتد أيضا إلى مجال الملكية، فلا يتملك الفرد حسبما شاء، ولا يفقد كل ما يملك، فوضعت أسس الاشتراكية السليمة. كما تبين لأهل الرأي أيضا أن العقل وحده لا يهدي؛ فكانت الدعوة إلى اللامعقول، بالمعنى الواسع لهذا الاصطلاح الذي يقيم للعواطف الإنسانية وزنا إلى جوار العقل البشري، وكانت الدعوة إلى دراسة علوم الاجتماع والإنسان إلى جانب علوم الطبيعة، وكانت هناك - فوق كل هذا - الدعوة إلى الإيمان بالله قوة كبرى تعلو قدرة العقل وكفاية العلم. •••
أما بعد، فهذه خطوط عريضة للمنهج الذي سار عليه المؤلف في كتابه الذي أراد به أن يستعرض تاريخ الفكر الغربي، مع التنويه بآثار القادة في توجيه الثقافة وبثها في عقول العامة. ومن ثم كان عنوان الكتاب: «أفكار ورجال».
ولعل مما يؤخذ على المؤلف أنه يميل إلى الاعتقاد بأن الفكر الأوروبي كان فكرا مستقلا لم يتأثر، إلا في القليل، بتفكير أهل الشرق، وإلى أن حضارة الغرب هي أرقى الحضارات. ولكن مما يخفف من هذه النظرة المتحيزة ما يعبر عنه من أمل في اختلاط جميع ثقافات العالم في مستقبل تاريخه بحيث تكون هناك ثقافة واحدة عالمية في القرن الحادي والعشرين أو الثاني والعشرين.
Halaman tidak diketahui