المجلد الأول مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم قال أبو القاسم علي بن جعفر السعدي عرف بابن القطاع. الحمد لله ذي العزة والسلطان والقدرة والبرهان المعروف بالإحسان الموصوف بالجود والامتنان المحمود بكل لسان ذي الجلال والحول والأفضال والطول الذي منّ علينا بالدين الحنيفي الصحيح والبيان١ العربي الفصيح الذي فضله على لغات جميع الملل وشرفه على كلام سائر النحل وكمله بمحمد أفضل الرسل وأعلى لغته على جميع اللغات وأنزل بها كلامه الذي هو صفة من الصفات بالآيات والمعجزات التي يتحدى بها إلى يوم الميقات أنزله على نبيه سيد المرسلين وأفضل العالمين فصدع بآياته وقمع بمعجزاته حتى استقام الدين وانتشر وعلا الحق وظهر وولى الباطل ودحر فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الطاهرين وأزواجه أمهات المؤمنين ما ذر شارق _________ ١ ط واللسان وط علامة نسخة مراد ملا -رقم ١٧٩٠- ك.

1 / 5

وكرطارق. واعلم أن أفضل ما رغب فيه الراغب وتعلق به الطالب معرفة لغة العرب التي نزل بها القرآن وورد بها حديث النبي ﵇ لتعلم بها حقيقة معانيهما ولئلا يضل من أخذ بظاهرهما. وقد قال بعض الحكماء اللغة أركان الأدب والشعر ديوان العرب بالشعر نظمت١ المآثر وباللغة نثرت الجواهر لولا اللغة ذهبت الآداب ولولا الشعر بطلت الأحساب بلغة العرب نزل القرآن وبشعرهم ميز الفرقان من ذم شعرهم فجر ومن طعن على لغتهم كفر سألتني أراك الله السول وبلغك المأمول إن الخص لك ما انغلق وبعد وأخلص لك ما عسر وانعقد من كتاب أبنية الأفعال٢ لأبي بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بابن القوطية٣ وهذا الكتاب في غاية الجودة والإحسان لو كان ذا ترتيب وبيان لكن لم يرتبه على الكمال وقد اجتهدت في ترتيبه وتهذيبه بعد وسميته تهذيب كتاب الأفعال٤ لأنه قد أربى فيه على كل من ألّف في معانيه إلا أنه لم يذكر فيه سوى الأفعال الثلاثية _________ ١ ط تطيب. ٢ اسمه كتاب الأفعال الثلاثية والرباعية باتفاق معانيها وحركتها واختلافها، وقد طبع بمدينة ليدن سنة ١٨٩٤. م- س. ٣ توفي سنة ٣٦٧ بغية الوعاة – ح. ٤ هذه الجملة كانت بهامش الأصل بلا عزو فجعلناها ها هنا – ح.

1 / 6

وما دخل عليها من الهمزة ولم يستوعب ذلك وترك نحوا مما ذكر وخلط في التبويب وقدم وأخّر في الترتيب وجعل الثلاثي باتفاق معنى في أبواب وباختلاف معنى في أبواب والمزيد بالهمزة في أبواب١ والثنائي المضاعف في أبواب والمتفق والمختلف منه في أبواب فأتعب الناظر وانصب الخاطر وصار الطالب للحرف يجده متفرقا في الكتاب في عدة أبواب ولم يذكر فيه الأفعال الرباعية الصحيحة ولا الخماسية والسداسية المزيدة ولا الثنائية المكررة فأجبتك إلى ما سألت وأسعفتك بما أردت على ما في ذلك من التعب الطويل والنصب الجزيل لأني أحتاج أن أعرض الكتاب لكل حرف عرضة وألحق به ما ترك من عدة دواوين وفي هذا من المشقة ما لا يخفى عليك غير أني ابتدأت في ذلك مستعينا بالله العظيم راغبا في ثوابه الجسيم وإحسانه السابغ العميم للانتفاع بذلك في القرآن العظيم وحديث نبيه الكريم ﵇ فرددت كل فعل إلى مثله وقرنت كل شكل بشكله ورتبته خلاف ترتيبه وهذبته خلاف تهذيبه وذكرت ما أغفله من الأفعال الثلاثية والمزيدة بالهمزة والثنائية المكررة وأوردت الأفعال الرباعية الصحيحة والأفعال الخماسية والسداسية المزيدة وأثبتها على حروف المعجم حتى لا يحتاج الناظر أن يخرج من باب _________ ١ من ط.

1 / 7

إلا وقد استوعب جميع الأفعال على التمام والكمال وأعلمت على ما أورده بحرف القاف وعلى ما أوردته "أنا-١" بحرف العين ليعرف بذلك ما أورده وما أوردت وما ترك وما زدت وجمعت فيه ما افترق في مصنفات العلماء ونظمت فيه ما انتثر في مدونات البلغاء وأردت أن يكون الكتاب جامعا لسائر الأفعال حائز القصب الكمال ولم أورد فيه سوى المعروف المستحسن وعديت عن الحوشي المستهجن فإن شذّ عنه شيء فهو من هذا النوع وأرجو أن لا يشذ عنه شيء من اللغة المستعملة ولا يبقى في نفس الناظر فيه أمر من الأمور المشكلة بعون الله وتأييده وتوفيقه وتسديده جعلنا الله من الراغبين فيما لديه العاملين بما ندب إليه الفائزين برحمته عند القدوم عليه. قال أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز. ﵁ اعلم أن الأفعال أصول مباني اكثر الكلام ولذلك٢ سمتها العلماء الأبنية وبعلمها يستدل على أكثر علم القرآن والسنة وهي حركات متقيضات والأسماء غير الجامدة والنعوت كلها منها مشتقات وهي اقدم منها بالزمان وان كانت الأسماء اقدم بالترتيب في قول الكوفيين٣ والبصريون يقولون بقدم الأسماء وان الأفعال _________ ١ من ط. ٢ ق وبذلك. ٣ في ق- زيادة: والجامدة التي لا يشتق منها فعل مثل حجر وباب وما أشبهها فإنك لا تقول حجر يحجر ولا باب يبوب.

1 / 8

مشتقة منها ولكل وجه وهي ضربان ضرب دخل التضعيف ثانية فصار ثلاثيا وضرب ثلاثي صحيح ومعتل فالمضاعف ضربان ضرب على فَعَل وضرب على فَعِل ليس فيه غيرهما إلا فعل شاذ رواه يونس وهو لبُبتَ تُلّب لَبّا ولبَابة١ والأعمّ لبَبت تلَبّ وحكى الخليل ذَمُمت تذُم وحكى ابن خالويه عَزُزت الشاة تعزُّقل لبنها وحكى الزجاج عن العرب لبُبت تلبّ بضم العين في الماضي وفتحها في المستقبل ولا نظير له في كلام العرب وحكى لببت تلبّ بكسر عين الماضي وضمها في المستقبل عن اليزيدي والضم يستثقل في المضاعف فما كان منه على فَعَل متعد يا فان مستقبله على يفُعل غير افعال جاءت باللغتين هرَّه يهُرُّه ويهرِّه كرِهه وعلَّه بالشراب يَعُلّه ويعِله وشدَّه يشُدّه ويشِدُّه. وقال الفراء نمّ الحديث ينمِه وينُمُّه وَبتَّ الشيء يبُتُّه ويبِتّه وشذ من ذلك حَببَت الشيء احِبّه قرأ العطاردى: ﴿فاتبعوني يحِبُّكم الله﴾ وما كان غير متعد فإنه على يفعِل غير افعال اتت باللغتين شحَّ يشِحّ ويُشحّ ووجَدّ في الأمر يَجِدّ ويجُدّ وجمَّ الفرس _________ ١ ق – بضم اللام فيهما.

1 / 9