ففكر البطريرك هنيهة، ثم قال: لا بد لنا من مساعد في البحث عن الفتاة، وهو المسيو بولس المراني؛ فإنه من رجال الطائفة الذين يعتمد عليهم، وله معرفة واسعة بأحوال مصر.
ثم تناول البطريرك التلفون وخاطب به المسيو بولس المراني.
فقال الأب أمبروسيوس: وإنما أرجو يا سيدي أن لا تروي الحكاية برمتها للمسيو بولس المراني، وإن رويتها له بالاختصار فلا تذكر له الأسماء؛ لأن كتمان الحكاية ضروري لحماية الثروة من مبدديها، كما لا يخفى على غبطتكم.
فوعده البطريرك بالكتمان على قدر الإمكان.
سفر التكوين
في تلك الأثناء كانت ليلة ساهرة في منزل الخواجه بطرس المراني أبي نجيب وليلى، فكانت ردهة الاستقبال حافلة بجماعة من الأصدقاء، نخص بالذكر منهم الدكتور صديق أفندي هيزلي ابن خال ليلى، وسليم أفندي هيزلي ابن عم الدكتور صديق المذكور، وقد ورد ذكره قبل الآن، وعرف القارئ أنه موظف في مصلحة التنظيم، وهو الذي توسط ليوسف براق في توظيفه بتلك المصلحة بناء على توصية من بولس المراني، وبالطبع كان أيضا هناك بولس أفندي المراني أخي الخواجة بطرس صاحب المنزل، هذا عدا أفراد آخرين من رجال ونساء.
وقد اعتاد الساهرون في منزل المراني أن يجدوا السهرة كحفلة أدبية، إذ يتخللها بعض الوقت تلاوة قصائد، أو نتف أدبية جديدة، أو أحاديث في مواضيع علمية أو سياسية؛ لأن نجيب وأخته كانا عشاق الأدب؛ ولهذا كان معارفهما ممن يميلون إلى الأدب كثيرا أو قليلا.
ولا نطيل الحديث على القارئ، فإن مسامرة الساهرين في تلك السهرة أدت إلى بعض القصائد الجديدة، التي نشرت في بعض مجلات ذلك الشهر، فتلا بعضهم بعضها على الحضور، فكانت تروق للكثيرين منهم، وفي أثناء ذلك قال نجيب المراني: عندي شيء جديد، جديد بكل معنى الكلمة، أريد أن أتلوه عليكم، فعسى أن يروق لكم.
فقال صديق هيزلي: هل عكفت على صناعة القلم يا نجيب، أخاف أن يكون حظك أخيرا حظ حملة الأقلام. - ما أنا إلا دخيل في فن القلم يا صديق، فلا أتخذه صناعة بل حلية لصناعتي، وأنت تعلم أن القلم دفة لسفينة المحاماة.
فقالت ليلى: دعنا نسمع لنحكم إن كنت تحسن إدارة هذه الدفة.
Halaman tidak diketahui