وهي تحول الإنسان إلى ذئب.
الحق يبني ارتقاء الجماعات كلها معا على مستوى واحد.
والقدرة تهدم جماعة لتبني بأنقاضها جماعة أخرى.
هذه الرواية مصرع يتصارع فيه آدمان - آدم الحق وآدم القدرة - والقارئ شاهد عيان، وضميره حكم، والتاريخ يدله على أي المصارعين فائز أخيرا.
نقولا الحداد
مصادفات قاهرة
في الساعة الأولى بعد الظهر كانت أربع فتيات يتراكضن في ميدان «العتبة الخضراء» بمصر؛ لكي يدركن ترام العباسية، فأدركنه وهو يكاد يتحرك، ودخلن إلى المقعد الأخير منه، وكان جالسا عليه فتى فأصبحن معه خمسة أنفار على مقعد واحد.
على أن الفتى قلص جنبيه والفتيات تحاشدن جهد طاقتهن حتى وسعهن المكان، وكانت الأخيرة منهن أجهدهن في التقلص؛ لكيلا تحتك بالفتى، ولكن ما بلغ القطار جانب حديقة الأزبكية حتى لم تعد الفتاة تطيق تقلصا، فالتفتت إلى الفتى وخاطبته بالإفرنسية متلجلجة متوردة الوجنتين: هل تتفضل بأن تنتقل إلى المقعد الثاني؛ لأننا أصبحنا هنا خمسة أنفار؟ - عفوا مولاتي، هل كنتن تجهلن عددكن قبل أن ركبتن القطار؟ - لم نكن نجهله، ولكن بوق الكمساري لم يمهلنا حتى نتخير مقعدا واحدا لنا جميعا، فاحتشدنا هنا على أمل أن يتفضل خامسنا من نفسه بإخلاء المكان. - لماذا أكون يا سيدتي الخامس الذي يخلي المكان مع أني لست دخيلا عليكن؟
فامتقع وجه الفتاة دلالة على امتزاج الخجل بالغضب، وقالت: عفوا يا سيدي لولا ظني بأنك كنت غافلا عن ضيق المحل علينا ما نبهتك إليه؛ فاعذر فضولي.
فازمهر وجه الفتى، وقال: لولا أنه يصعب علي جدا يا سيدتي أن تلقي علي درسا في «فن آداب الترام» ما كنت أتردد في إخلاء محلي لكن ...
Halaman tidak diketahui