43

جفني؟ وكيف يزور من لم يعرف

وكان - رحمه الله - صالحا، كثير الخير، حسن الصحبة، محمود العشيرة، جاور بمكة المكرمة زمانا. وكانت ولادته سنة 576 بالقاهرة، وتوفي بها سنة 632، ودفن بسفح المقطم. (52) ابن الأثير

يطلق هذا الاسم على كل واحد من إخوة ثلاثة، وهم: العالم المحدث أبو السعادات مجد الدين المبارك (544-606ه)، والمؤرخ المدقق أبو الحسن عز الدين علي (555-630ه)، والوزير الأديب ضياء الدين أبو الفتح نصر الله (...-637ه)، وهم أبناء أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني، ولدوا جميعا بجزيرة ابن عمر بالجزيرة، ثم رحلوا مع أبيهم إلى الموصل واشتغلوا بها وحصلوا العلوم، وكانوا جميعا فقهاء محدثين أدباء مؤرخين، إلا أن كل واحد منهم تفرد بعلم وألف فيه مؤلفات لا تزال طائرة الصيت إلى يومنا هذا.

فتفرد المبارك بالحديث، وألف فيه كتاب «النهاية في غريب الحديث»، وقد كان اعتراه مرض كف يديه ورجليه فمنعه من الكتابة وأقام في داره، وفي هذه الحالة صنف كتبه، وكان له جماعة يعينونه عليها.

وتفرد علي بالتاريخ، وألف فيه عدة من الكتب بعد أن طاف كثيرا من البلاد وسمع الأخبار، ومن أشهر كتب التاريخ كتابه «الكامل».

وتفرد ضياء الدين بالأدب، ومن أشهر كتبه فيه «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر»، وقد كان اتصل بخدمة صلاح الدين الأيوبي، ثم انتقل إلى ولده الملك الأفضل فاستوزره، وكانت وفاته سنة 637. (53) ابن الحاجب (570-646ه)

هو أبو عمرو عثمان بن عمر الفقيه المالكي المعروف بابن الحاجب الملقب جمال الدين، كان والده حاجبا للأمير عز الدين، وكان كرديا، واشتغل ولده أبو عمرو في صغره بالقرآن الكريم ثم بالفقه على مذهب الإمام مالك ثم بالعربية والقراءات، وبرع في علومه وأتقنها غاية الإتقان، وكان ذلك بالقاهرة، ثم انتقل إلى دمشق ودرس بجامعها وأكب الخلق على الاشتغال عليه، وتبحر في الفنون، وكان الأغلب عليه علم العربية.

صنف مختصرا في مذهبه، ومقدمة وجيزة في النحو وسماها «الكافية»، وأخرى مثلها في التصريف وسماها «الشافية»، وشرح المقدمتين، وصنف في أصول الفقه، وخالف النحاة في مواضع وأورد عليهم إشكالات وإلزامات تبعد الإجابة عنها، وكان من أحسن خلق الله ذهنا، ثم عاد إلى القاهرة وأقام بها والناس ملازمون للاشتغال عليه، ثم انتقل إلى الإسكندرية للإقامة بها فلم تطل مدته هناك. وتوفي بها سنة 646، وولد سنة 570 بإسنا. (54) بهاء الدين زهير (581-656ه)

هو أبو الفضل زهير بن محمد بن علي الملقب بهاء الدين الكاتب، كان من فضلاء عصره، وأحسنهم نظما ونثرا وخطا، ومن أكبرهم مروءة، وكان قد اتصل بخدمة السلطان الملك الصالح نجم الدين أبي الفتح أيوب ابن الملك الكامل بالديار المصرية، وتوجه في خدمته إلى البلاد الشرقية، وأقام بها إلى أن ملك الملك الصالح مدينة دمشق فانتقل إليها في خدمته، وأقام كذلك إلى أن جرت الواقعة المشهورة على الملك الصالح وخرجت عنه دمشق وخانه عسكره وقبض عليه ابن عمه الملك الناصر داود صاحب الكرك واعتقله بقلعة الكرك، فأقام بهاء الدين زهير المذكور بنابلس محافظة لصاحبه ولم يتصل بغيره، ولم يزل على ذلك حتى خرج الملك الصالح وملك الديار المصرية فقدم إليها في خدمته؛ لما كان عليه من مكارم الأخلاق ودماثة السجايا، ولذلك كان متمكنا من صاحبه، كبير القدر عنده، لا يطلع على سره الخفي غيره، ومن محاسن شعره ملغزا في القفل قوله:

وأسود عار أنحل البرد جسمه

Halaman tidak diketahui