يد السنين والقدر
فالآن قد سكنت والقوة اندثرت
ومضى زمان السمع والبصر
وغدت تدور ببطن الأرض دورتها
كالصخر والأحجار والشجر!
ترى هل نستطيع أن نترجم أدبنا العربي - من هذا اللون - إلى الإنجليزية أو الفرنسية مثلا، فنؤكد انتماءنا لعالم اليوم؟
الإحالة إلى الماضي
بعد تقديم عدد من قصائد شعرائنا المعاصرين بالإنجليزية في الإذاعة؛ استولت الدهشة علينا لمئات الخطابات التي تلقيناها من أمريكا وكندا وأوروبا تطلب المزيد وتعجب لمستوى «حداثة» الشعر لدينا، فاقترح الشاعر صلاح عبد الصبور، وكان رئيسا لهيئة الكتاب آنذاك، أن أصحب معي في جولتي بالولايات المتحدة (ضمن برنامج مصر اليوم) عددا من القصائد التي تمثل الشعر الحديث في مصر بحيث يطلع الجمهور الأمريكي على الشعر الحي - أي على الشعر المسموع لا المقروء فحسب. وحططنا الرحال أول الأمر في واشنطن، وكان أول لقاء مع الجمهور الأمريكي في مؤسسة «سميثونيان»، والربيع قد بدأ يكسو أشجار الشتاء بأوراق خضر صغيرة نضرة، وكان الصباح في الحديقة التي تطل عليها نوافذ القاعة بهيجا مشرقا وضاء.
وتولى الدكتور جورج عطية تقديم الضيوف ثم انطلقنا نقرأ الشعر ونتقبل أصداء الاستحسان بدهشة لا تقل عن دهشتنا بتلقي خطابات القراء، ولكن الدهشة الحقيقية كانت عندما حدد لنا موعد آخر مع جمهور آخر في مساء نفس اليوم؛ إذ تردد في الأوساط الأدبية والفنية خبر وصول الوفد، وقرر الدكتور عطية تنظيم لقاء مسائي تسجله الإذاعة (أو الإذاعات؛ فهي كثيرة في أمريكا). وفي ذلك اللقاء لم يقتصر الاستحسان على طلب الاستزادة، بل اتخذ صورة ندوة ناقشنا فيها الجمهور مناقشة مستفيضة، وتولى الرد من الوفد المصري بصفة أساسية الدكتور سمير سرحان والدكتور مرسي سعد الدين. وبعد أن تكررت اللقاءات في عدة مراكز ثقافية في أمريكا من المحيط إلى المحيط كما يقولون، ومن الشمال إلى الجنوب، كان السؤال الذي يلح على أذهاننا جميعا هو: إذا كان لدينا مثل هذا الشعر العظيم فلماذا لا يقرؤه الناس في كل مكان في العالم حتى اليوم؟
في جامعة بنسلفانيا بمدينة فيلادلفيا كان رد أحد كبار المستشرقين وهو «روجر ألن» أن الشعر العربي لم يترجم الترجمة الصادقة حتى الآن، وفي جامعة تكساس بمدينة أوستن كان رد «جودمان» مدير النشر والشاعر دافيد أن الشعر العربي مليء بالصحراء والجمال، وهو ما لا يفهمه الجمهور الأمريكي، بل إن ذلك الشاعر أعرب بصورة مباشرة عن شكه في أن يكون الشعر الذي سمعه عربي الأصل! وقال في دهشة أمريكية صادقة: «ولكن أين الجمال والخيام؟»
Halaman tidak diketahui