Kitab Adab al-Tabib
كتاب أدب الطبيب
Genre-genre
وأما المثال العامى فهو هذا، قال بقراط: وأعطيك دليلا من أعظم الدلائل على رطوبتهم، وهو أنك تجد كثيرا من الصقالبة، أو كلهم من الأمة المعروفة منهم بالراعية، بهم كيا على أكتافهم، وأعضادهم، وأرساغ أيديهم، وأوراكهم، ومقدم صدورهم. وليس ذلك لشئ سوى رطوبة طبعهم ولينه، وذلك أنهم لا يقدرون على توتير القسى ولا على الرمى بالمزاريف على أكتافهم بسبب رطوبتهم، وضعفهم. فإذا كووا ، جفت من مفاصلهم تلك الرطوبة، وصارت أقوى مما كانت، وأشد شبها بالمفاصل. ويكونون فدعا، عراضا، أما أولا، فمن قبل أنهم لا يشدون بالأطمار فى حالة الطفولة كما يفعل بمصر، ولا ذلك جار على سنتهم، بسبب ركوبهم الخيل ثباتا عليها، ثم من بعد ذلك بسبب القعود، وذلك أن الذكورة منهم ماداموا لا يقدرون على ركوب الخيل، إنما هم قعود أكثر مدة زمانهم فى العجل، وقل ما يستعملون المشى لثقلهم وتصرفهم. والأناث منهم عجيب من حالهم فى الفدعة والغلظ.
وقال أيضا: فأقول إنهم يعتريهم من ركوب الخيل العلة التى تسمى باليونانية قادماطا، لتعلق الرجلين دائما على الخيل. ثم إنهم يعرجون ويحرون أوراكهم متى اشتدت بهم العلة، ويداوون أنفسهم بهذا الطريق: أول ما تبتدئ بهم العلة، يعمدون إلى عرقين خلف الأذنين، فيفصدونهما من الجانبين. فإذا جرى الدم، استولى عليهم النوم، بسبب الضعف، فينامون، ثم ينتبهون وبعضهم قد برئ، وبعضهم لم يبرأ. وأنا أرى أن بهذا العلاج يفسد المنى. وذلك أن عند الأذنين عرقين، إن فصدهما فاصد، لم يولد لمن يفصدان له، فاحسبهم إنما يفصدون هذين العرقين.
وإذ قد أبنت لك جميع هذا الكلام الثانى، فقد أوجدتك الطريق إلى تعرف تغاير العادات فى أجسام الأصحاء والمرضى. وإن أحببت أن تسمع من كلام بقراط فى العادات، وكيف يكسبونها سكان البلدان، بحسب تغاير الأهوية، والمياه، والبلدان عليهم، فاقرأ ما قاله فى كتابه فى البلدان والمياه والأهوية. فإنك تحكم منه كثيرا من أمر العادات. واكتفى بما ذكرته لك هاهنا منبها، ومحركا.
Halaman 65