وأولهم محمد حسين هيكل الذي أيد عدلي في تحطيمه لوحدة الأمة بقيادة سعد الذي كان شعار هذه الوحدة، ثم بعد ذلك أيد زيور الذي جمع البرلمان في الظهر ثم حله في مساء اليوم نفسه وطرد الأعضاء، ثم أيد محمد محمود في تعطيل البرلمان ثلاث سنوات تقبل التجديد.
لقد بدأ هيكل حياته الأدبية بالتأليف عن داعية الرومانتية في فرنسا؛ أي داعية الشعبية «روسو»، ثم انتهى بمكافحة الديمقراطية في مصر ... هذا أديب.
وأديب آخر هو إبراهيم عبد القادر المازني؛ فقد اشترك مع الدكتور طه حسين في تحرير جريدة يومية تخدم زيور في مكافحة الشعب، زيور هذا الذي جمع البرلمان في الظهر ثم حله في المساء، بلا أدنى إحساس بقيمة الشعب المصري الذي كان يمثله هؤلاء الأعضاء.
لقد كان الشعب المصر يكافح في جبهتين: الأولى: هي هؤلاء الملوك الأتراك من سلالة محمد علي، والثانية: هي جبهة الاستعمار البريطاني. وكثيرا ما كانت هاتان الجبهتان تتحدان ضد الشعب، وفي أيام زيور كان الاتحاد بينهما وثيقا؛ لأن زيور جاء عقب مقتل السردار البريطاني في السودان كي يؤدب الأمة المصرية التي تلجأ إلى العنف في مقاومة الاستعمار، ووجد فؤاد - الملك وقتئذ - أنه يمكنه أن يستغل هذه الفرصة؛ أي فرصة الغضب الاستعماري البريطاني، بأن يحطم الحياة النيابية، وحطمها.
وكان طه حسين والمازني القلمين الفصيحين في الدعوة إلى هذا التحطيم، فهل ينسى التاريخ هذا؟
هل ينسى التاريخ أن أديبين مصريين ارتضيا جمع البرلمان المصري في الصباح ثم طرد أعضائه في المساء؟!
ثم بعد ذلك نجد علي الجارم، وهو عجيبة في مأساة الأدب المصري في القرن العشرين، فإنه ألف المجلدات في مدح تمثال النجاسة فاروق، وقد طبعتها له مطبعة المعارف أجمل الطبع وأتقنه، حتى يجد الرواج الذي لا يستحقه، ولا يتسع المجال هنا لنشر إحدى قصائده، ولكن أكتفي بذكر قصة قذرة تدل على العقل القذر والقلب القذر ونصيب علي الجارم منهما.
ذلك أن إحدى الصحف كانت قد ذكرت، كذبا ونفاقا، أن جملا قد أرسل للمجزر للذبح، فانتفض من سكين الجزار، وفر من المجزر، ثم ما زال يعدو في الشوارع حتى وصل إلى عابدين - قصر فاروق - وهناك كانت استغاثته حتى لا يذبح! وأغاثه فاروق فلم يذبح!
وكتب هذا الهذر والسخف في بعض جرائد مصر، يا لها من فضيحة! ولكن علي الجارم انتهز هذه الفضيحة، فألف عنها قصيدة يشيد فيها بعدل فاروق، كان منها هذه الأبيات:
عابدين كعبة مصر ركنها حرم
Halaman tidak diketahui