تعزه نفس مؤمن ولا ترتضيه بحال، ولهم في شأنهم خدع ومكر يعاملون الناس بها ويداخلونهم بحسبها.
منها أنهم ينصبون بسوقهم امرأة يسمونها الأمينة توافق في النكر مذهبهم وتشهد في استبراء الخدم بمقتضى مرادهم وبحسب ما يعطي مشتريهن ويقصد التعجيل بالاجتماع بهن وتفهمه من غرضه فيهن، وكذلك في إخفاء العيوب والترك للتعريف بكنهها حتى تمكن الحيلة فيها والتدليس بها، ويتوصل المفسدون بمشاركتها إلى ما لم يكونوا يقدرون عليه دونها، وذلك أنها تحمل المرتفعات مزينات معطرات إلى ديار من يطلبهن باسم الشراء ويوهم بإرادة التقليب والاختبار ولاسيما ذوات الصناعات منهن وتقيم يومها بهن لاختبار صنعتها فيعطيها على وجه الشكر لها والجزاء على تهمهما مع أن لها أجرة على البيع والشراء إذا كان يوضح لها في العطاء بحسب ماليته وشرهه في إرادته ويستعد الطعام والشراب بالأربع والخمس منهن وما تقتضيه الصنعة المطلوبة فيهن ويقمن على ذلك.
ولقد أفصح لي أحد من فعل معه هذا بشيء يجب التنزه عن ذكره واستدعاني يوما رجل له دنيا وكلفني بداره كتب عقد جارية من المرتفعات اشتراها فسألته عن استبرائها فلم أجده ولا البائع منه يعرف حكم ذلك فقلت لهما لابد أن توقف للاستبراء عند ثقة من النساء تتفقان عليها أو عند رجل من الثقات أهل الدين والأمانة تكون عند أهله إلى أن يتحقق استبراؤها فقال المشتري تقول لي شيئا والله ما سمعته قط ولا عمل معي وإنما عادتي اشتري بالمعرض الخادم وأبيت معها ليلة ذلك اليوم فانفصلت وتركتهما.
وحدثني رجل من الصناع لم أزل أعرفه بخير وانتماء إلى دين، فطلبته يوما في دكانه الذي كان يلازمه لعمل الصناعة وكان سراجا فأخبرني من كان في
1 / 48