Adab Dunia dan Din

al-Mawardi d. 450 AH
58

Adab Dunia dan Din

أدب الدنيا والدين

Penerbit

دار مكتبة الحياة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1407 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Tasawuf
وَلْيَأْخُذْ الْمُتَعَلِّمُ حَظَّهُ مِمَّنْ وَجَدَ طُلْبَتَهُ عِنْدَهُ مِنْ نَبِيهٍ وَخَامِلٍ، وَلَا يَطْلُبُ الصِّيتَ وَحُسْنَ الذِّكْرِ بِاتِّبَاعِ أَهْلِ الْمَنَازِلِ مِنْ الْعُلَمَاءِ إذَا كَانَ النَّفْعُ بِغَيْرِهِمْ أَعَمَّ، إلَّا أَنْ يَسْتَوِيَ النَّفْعَانِ فَيَكُونُ الْأَخْذُ عَمَّنْ اُشْتُهِرَ ذِكْرُهُ وَارْتَفَعَ قَدْرُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الِانْتِسَابَ إلَيْهِ أَجْمَلُ وَالْأَخْذَ عَنْهُ أَشْهَرُ. وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ: إذَا أَنْتَ لَمْ يُشْهِرْك عِلْمُك لَمْ تَجِدْ ... لِعِلْمِك مَخْلُوقًا مِنْ النَّاسِ يَقْبَلُهْ وَإِنْ صَانَك الْعِلْمُ الَّذِي قَدْ حَمَلْته ... أَتَاك لَهُ مَنْ يَجْتَنِيهِ وَيَحْمِلُهْ وَإِذَا قَرُبَ مِنْك الْعِلْمُ فَلَا تَطْلُبُ مَا بَعُدَ، وَإِذَا سَهُلَ مِنْ وَجْهٍ فَلَا تَطْلُبُ مَا صَعُبَ. وَإِذَا حَمِدْتَ مَنْ خَبَّرْتَهُ فَلَا تَطْلُبُ مَنْ لَمْ تَخْتَبِرْهُ، فَإِنَّ الْعُدُولَ عَنْ الْقَرِيبِ إلَى الْبَعِيدِ عَنَاءٌ، وَتَرْكَ الْأَسْهَلِ بِالْأَصْعَبِ بَلَاءٌ، وَالِانْتِقَالَ مِنْ الْمَخْبُورِ إلَى غَيْرِهِ خَطَرٌ. وَقَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁: عُقْبَى الْأَخْرَقِ مَضَرَّةٌ، وَالْمُتَعَسِّفُ لَا تَدُومُ لَهُ مَسَرَّةٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْقَصْدُ أَسْهَلُ مِنْ التَّعَسُّفِ، وَالْكَفُّ أَوْدَعُ مِنْ التَّكَلُّفِ. وَرُبَّمَا تَتْبَعُ نَفْسُ الْإِنْسَانِ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ اسْتِهَانَةً بِمَنْ قَرُبَ مِنْهُ، وَطَلَبَ مَا صَعُبَ احْتِقَارًا لِمَا سَهُلَ عَلَيْهِ، وَانْتَقَلَ إلَى مَنْ لَمْ يُخْبِرْهُ مَلَلًا لِمَنْ خَبَرَهُ، فَلَا يُدْرِكْ مَحْبُوبًا وَلَا يَظْفَرْ بِطَائِلٍ. وَقَدْ قَالَتْ الْعَرَبُ فِي أَمْثَالِهَا: الْعَالِمُ كَالْكَعْبَةِ يَأْتِيهَا الْبُعَدَاءُ، وَيَزْهَدُ فِيهَا الْقُرَبَاءُ. وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ شُيُوخِنَا لِمَسِيحِ بْنِ حَاتِمٍ: لَا تَرَى عَالِمًا يَحِلُّ بِقَوْمٍ ... فَيُحِلُّوهُ غَيْرَ دَارِ الْهَوَانِ قَلَّ مَا تُوجَدُ السَّلَامَةُ ... وَالصِّحَّةُ مَجْمُوعَتَيْنِ فِي إنْسَانِ فَإِذَا حَلَّتَا مَكَانًا سَحِيقًا ... فَهُمَا فِي النُّفُوسِ مَعْشُوقَتَانِ هَذِهِ مَكَّةُ الْمَنِيعَةُ بَيْتُ اللَّهِ ... يَسْعَى لِحَجِّهَا الثَّقَلَانِ وَيُرَى أَزْهَدُ الْبَرِيَّةِ فِي الْحَجِّ لَهَا ... أَهْلَهَا لِقُرْبِ الْمَكَانِ

1 / 71