20

Adab Dunia dan Din

أدب الدنيا والدين

Penerbit

دار مكتبة الحياة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1407 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Tasawuf
الْعَاقِلِ بِقَلْبِهِ وَخَاطِرِهِ. ثُمَّ يَتَّهِمُ نَفْسَهُ فِي صَوَابِ مَا أَحَبَّتْ وَتَحْسِينِ مَا اشْتَهَتْ؛ لِيَصِحَّ لَهُ الصَّوَابُ وَيَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ، فَإِنَّ الْحَقَّ أَثْقَلُ مَحْمَلًا، وَأَصْعُبُ مَرْكَبًا فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ اجْتَنِبْ أَحَبَّهُمَا إلَيْهِ، وَتَرَكَ أَسْهَلَهُمَا عَلَيْهِ. فَإِنَّ النَّفْسَ عَنْ الْحَقِّ أَنْفَرُ، وَلِلْهَوَى آثَرُ. وَقَدْ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْك أَمْرَانِ فَدَعْ أَحَبَّهُمَا إلَيْك، وَخُذْ أَثْقَلَهُمَا عَلَيْك. وَعِلَّةُ هَذَا الْقَوْلِ هُوَ أَنَّ الثَّقِيلَ يُبْطِئُ النَّفْسَ عَنْ التَّسَرُّعِ إلَيْهِ فَيَتَّضِحُ مَعَ الْإِبْطَاءِ وَتَطَاوُلِ الزَّمَانِ صَوَابُ مَا اسْتَعْجَمَ، وَظُهُورُ مَا اسْتَبْهَمَ. وَقَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: مَنْ تَفَكَّرَ أَبْصَرَ وَالْمَحْبُوبُ أَسْهَلُ شَيْءٍ تُسْرِعُ النَّفْسُ إلَيْهِ، وَتُعَجِّلُ بِالْإِقْدَامِ عَلَيْهِ، فَيَقْصُرُ الزَّمَانُ عَنْ تَصَفُّحِهِ وَيَفُوتُ اسْتِدْرَاكُهُ لِتَقْصِيرِ فِعْلِهِ فَلَا يَنْفَعُ التَّصَفُّحُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَلَا الِاسْتِبَانَةُ بَعْدَ الْفَوْتِ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَا كَانَ عَنْك مُعْرِضًا، فَلَا تَكُنْ بِهِ مُتَعَرِّضًا. وَقَالَ الشَّاعِرُ: أَلَيْسَ طِلَابُ مَا قَدْ فَاتَ جَهْلًا ... وَذِكْرُ الْمَرْءِ مَا لَا يَسْتَطِيعُ وَلَقَدْ وَصَفَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ حَالَ الْهَوَى وَمَا يُقَارِنُهُ مِنْ مِحَنِ الدُّنْيَا فَقَالَ: الْهَوَى مَطِيَّةُ الْفِتْنَةِ، وَالدُّنْيَا دَارُ الْمِحْنَةِ، فَانْزِلْ عَنْ الْهَوَى تَسْلَمْ، وَاعْرِضْ عَنْ الدُّنْيَا تَغْنَمْ، وَلَا يَغُرَّنَّكَ هَوَاك بِطَيِّبِ الْمَلَاهِي وَلَا تَفْتِنُك دُنْيَاك بِحُسْنِ الْعَوَارِيّ. فَمُدَّةُ اللَّهْوِ تَنْقَطِعُ وَعَارِيَّةُ الدَّهْرِ تُرْتَجَعُ، وَيَبْقَى عَلَيْك مَا تَرْتَكِبُهُ مِنْ الْمَحَارِمِ، وَتَكْتَسِبُهُ مِنْ الْمَآثِمِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَعْفَرِيُّ: سَمِعَتْنِي امْرَأَةٌ بِالطَّوَافِ، وَأَنَا أُنْشِدُ: أَهْوَى هَوَى الدِّينِ وَاللَّذَّاتُ تُعْجِبُنِي ... فَكَيْفَ لِي بِهَوَى اللَّذَّاتِ وَالدِّينِ فَقَالَتْ: هُمَا ضَرَّتَانِ فَذَرْ أَيَّهُمَا شِئْت وَخُذْ الْأُخْرَى. فَأَمَّا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ مَعَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ، وَاتِّفَاقِهِمَا فِي الدَّلَالَةِ وَالْمَدْلُولِ، فَهُوَ أَنَّ الْهَوَى مُخْتَصٌّ بِالْآرَاءِ وَالِاعْتِقَادَاتِ، وَالشَّهْوَةَ مُخْتَصَّةٌ بِنَيْلِ اللَّذَّةِ. فَصَارَتْ الشَّهْوَةُ مِنْ نَتَائِجِ الْهَوَى وَهِيَ أَخَصُّ، وَالْهَوَى أَصْلٌ هُوَ أَعَمُّ. وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَنَا دَوَاعِيَ الْهَوَى، وَيَصْرِفَ عَنَّا سُبُلَ الرَّدَى، وَيَجْعَلَ التَّوْفِيقَ لَنَا قَائِدًا، وَالْعَقْلَ لَنَا مُرْشِدًا. فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَى عِيسَى ﵇: عِظْ

1 / 33