182

Adab Dunia dan Din

أدب الدنيا والدين

Penerbit

دار مكتبة الحياة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1407 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Tasawuf
اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَتَتَقَلَّبُ بِهِ الْحَالُ مِنْ يَسَارٍ وَإِعْسَارٍ.
وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُقَدَّمُ ... أَمْرُهُ شَرْقًا وَغَرْبَا
اُمْنُنْ بِخَتْمِ صَحِيفَتِي ... مَا دَامَ هَذَا الطِّينُ رَطْبَا
وَاعْلَمْ بِأَنَّ جَفَافَهُ ... مِمَّا يُعِيدُ السَّهْلَ صَعْبَا
قَالُوا: وَلِأَنَّ فِي الرُّجُوعِ عَنْهُ مِنْ الِانْكِسَارِ، وَفِي تَوَقُّعِ الْوَعْدِ مِنْ مَرَارَةِ الِانْتِظَارِ، وَفِي الْعَوْدِ إلَيْهِ مِنْ ذِلَّةِ الِاقْتِضَاءِ، وَذِلَّةِ الِاجْتِدَاءِ، مَا يُكَدِّرُ بِرَّهُ، وَيُوهِنُ شُكْرَهُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إنَّ الْحَوَائِجَ رُبَّمَا أَزْرَى بِهَا ... عِنْدَ الَّذِي تَقْضِي لَهُ تَطْوِيلُهَا
فَإِذَا ضَمِنْتَ لِصَاحِبٍ لَك حَاجَةً ... فَاعْلَمْ بِأَنَّ تَمَامَهَا تَعْجِيلُهَا
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ غَيْرَ مُسْتَوْجِبٍ وَالْمَسْئُولُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ. فَفِي الرَّدِّ فُسْحَةٌ وَفِي الْمَنْعِ عُذْرٌ. غَيْرَ أَنَّهُ يَلِينُ عِنْدَ الرَّدِّ لِينًا يَقِيهِ الذَّمَّ، وَيُظْهِرُ عُذْرًا يَدْفَعُ عَنْهُ اللَّوْمَ. فَلَيْسَ كُلُّ مُقِلٍّ يَعْرِفُ وَلَا مَعْذُورٍ يُنْصِفُ. وَقَدْ قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ يَصِفُ النَّاسَ:
يَا رَبِّ إنَّ النَّاسَ لَا يُنْصِفُونَنِي ... فَكَيْفَ وَإِنْ أَنْصَفْتُهُمْ ظَلَمُونِي
فَإِنْ كَانَ لِي شَيْءٌ تَصَدَّوْا لِأَخْذِهِ ... وَإِنْ جِئْتُ أَبْغِي شَيْئَهُمْ مَنَعُونِي
وَإِنْ نَالَهُمْ بَذْلِي فَلَا شُكْرَ عِنْدَهُمْ ... وَإِنْ أَنَا لَمْ أَبْذُلْ لَهُمْ شَتَمُونِي
وَإِنْ طَرَقَتْنِي نَكْبَةٌ فَكِهُوا بِهَا ... وَإِنْ صَحِبَتْنِي نِعْمَةٌ حَسَدُونِي
سَأَمْنَعُ قَلْبِي أَنْ يَحِنَّ إلَيْهِمْ ... وَأُغْمِضُ عَنْهُمْ نَاظِرِي وَجُفُونِي
وَأَقْطَعُ أَيَّامِي بِيَوْمِ سُهُولَةٍ ... أَقْضِي بِهَا عُمْرِي وَيَوْمِ حُزُونِ
أَلَا إنَّ أَصْفَى الْعَيْشِ مَا طَابَ غِبُّهُ ... وَمَا نِلْتَهُ فِي لَذَّةٍ وَسُكُونِ
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ مُسْتَوْجِبًا، وَالْمَسْئُولُ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ، فَيَأْتِي بِالْحِمْلِ عَلَى النَّفْسِ مَا أَمْكَنَ مِنْ يَسِيرٍ يَسُدُّ بِهِ خَلَّةً، أَوْ يَدْفَعُ بِهِ مَذَمَّةً أَوْ يُوَضِّحُ مِنْ أَعْذَارِ الْمُعْوِزِينَ وَتَوَجُّعِ الْمُتَأَلِّمِينَ مَا يَجْعَلُهُ فِي الْمَنْعِ مَعْذُورًا وَبِالتَّوَجُّعِ مَشْكُورًا.
وَقَدْ قَالَ أَبُو النَّصْرِ الْعُتْبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَسْت ذَا بُخْلٍ ... وَلَسْتُ مُلْتَمِسًا فِي الْبُخْلِ لِي عِلَلَا

1 / 197