Adab Dunia dan Din
أدب الدنيا والدين
Penerbit
دار مكتبة الحياة
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
1407 AH
Lokasi Penerbit
بيروت
Genre-genre
Tasawuf
فَوَصَلَهُ اكْتِفَاءٌ بِهَذَا التَّعْرِيضِ الَّذِي بَلَغَ مَا لَا يَبْلُغُهُ صَرِيحُ السُّؤَالِ. وَلِذَلِكَ قَالَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ: السَّخَاءُ حُسْنُ الْفَطِنَةِ وَاللُّؤْمُ سُوءُ التَّغَافُلِ.
وَحُكِيَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ سُلَيْمَانَ لَمَّا تَقَلَّدَ وَزَارَةَ الْمُعْتَضِدُ كَتَبَ إلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ:
أَبَى دَهْرُنَا إسْعَافَنَا فِي نُفُوسِنَا ... وَأَسْعَفَنَا فِيمَنْ نُحِبُّ وَنُكْرِمُ
فَقُلْت لَهُ: نُعْمَاك فِيهِمْ أَتِمَّهَا ... وَدَعْ أَمَرْنَا إنَّ الْمُهِمَّ مُقَدَّمُ
فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: مَا أَحْسَنَ مَا شَكَا أَمْرَهُ بَيْنَ أَضْعَافِ مَدْحِهِ، وَقَضَى حَاجَتَهُ.
وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
وَمَنْ لَا يَرَى مِنْ نَفْسِهِ مُذَكِّرًا لَهَا ... رَأَى طَلَبَ الْمُسْتَنْجِدِينَ ثَقِيلًا
وَالسَّبَبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رِعَايَةً لِيَدٍ أَوْ جَزَاءً عَلَى صَنِيعَةِ، فَيَرَى تَأْدِيَةَ الْحَقِّ عَلَيْهِ طَوْعًا إمَّا أَنَفَةً وَإِمَّا شُكْرًا لِيَكُونَ مِنْ أَسْرِ الِامْتِنَانِ طَلِيقًا، وَمِنْ رِقِّ الْإِحْسَانِ وَعُبُودِيَّتِهِ عَتِيقًا. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْإِحْسَانُ رِقٌّ، وَالْمُكَافَأَةُ عِتْقٌ.
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
وَلَيْسَتْ أَيَادِي النَّاسِ عِنْدِي غَنِيمَةً ... وَرُبَّ يَدٍ عِنْدِي أَشَدُّ مِنْ الْأَسْرِ
وَالسَّبَبُ الْخَامِسُ: أَنْ يُؤْثِرَ الْإِذْعَانَ بِتَقْدِيمِهِ، وَالْإِقْرَارَ بِتَعْظِيمِهِ، تَوْطِيدًا لِرِئَاسَةٍ هُوَ لَهَا مُحِبٌّ، وَعَلَى طَلَبِهَا مُكِبٌّ. وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
حُبُّ الرِّئَاسَةِ دَاءٌ لَا دَوَاءَ لَهُ ... وَقَلَّمَا تَجِدُ الرَّاضِينَ بِالْقَسْمِ
فَتُسْتَصْعَبُ عَلَيْهِ إجَابَةُ النُّفُوسِ لَهُ طَوْعًا إلَّا بِالِاسْتِعْطَافِ، وَإِذْعَانُهَا لَهُ إلَّا بِالرَّغْبَةِ وَالْإِسْعَافِ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: بِالْإِحْسَانِ يَرْتَبِطُ الْإِنْسَانُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: مَنْ بَذَلَ مَالَهُ أَدْرَكَ آمَالَهُ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
أَتَرْجُو أَنْ تَسُودَ بِلَا عَنَاءٍ ... وَكَيْفَ يَسُودُ ذُو الدَّعَةِ الْبَخِيلُ
وَالسَّبَبُ السَّادِسُ: أَنْ يَدْفَعَ بِهِ سَطْوَةَ أَعْدَائِهِ، وَيَسْتَكْفِيَ بِهِ نِفَارَ خُصَمَائِهِ، لِيَصِيرُوا لَهُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ أَعْوَانًا، وَبَعْدَ الْعَدَاوَةِ إخْوَانًا، إمَّا
1 / 189