Adab Dunia dan Din

al-Mawardi d. 450 AH
159

Adab Dunia dan Din

أدب الدنيا والدين

Penerbit

دار مكتبة الحياة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1407 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Tasawuf
وَلَيْسَ يَنْقُضُ هَذَا الْقَوْلَ مَا وَصَفْنَا مِنْ اخْتِيَارِهِ وَاخْتِيَارِ الْخِصَالِ الْأَرْبَعِ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا أَعْوَزَ فِيهِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ تُوحِشَك فَتْرَةٌ تَجِدُهَا مِنْهُ، وَلَا أَنْ تُسِيءَ الظَّنَّ فِي كَبْوَةٍ تَكُونُ مِنْهُ، مَا لَمْ تَتَحَقَّقْ تَغَيُّرَهُ وَتَتَيَقَّنْ تَنَكُّرَهُ. وَلْيُصْرَفْ ذَلِكَ إلَى فَتَرَاتِ النُّفُوسِ وَاسْتِرَاحَاتِ الْخَوَاطِرِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَتَغَيَّرُ عَنْ مُرَاعَاةِ نَفْسِهِ الَّتِي هِيَ أَخَصُّ النُّفُوسِ بِهِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ عَدَاوَةٍ لَهَا وَلَا مَلَلٍ مِنْهَا. وَقَدْ قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: لَا يُفْسِدَنَّكَ الظَّنُّ عَلَى صَدِيقٍ قَدْ أَصْلَحَك الْيَقِينُ لَهُ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ مَنْ غَضِبَ مِنْ إخْوَانِك ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَقُلْ فِيك سُوءًا فَاِتَّخِذْهُ لِنَفْسِك خِلًّا. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ وَهْبٍ: مِنْ حُقُوقِ الْمَوَدَّةِ أَخْذُ عَفْوِ الْإِخْوَانِ، وَالْإِغْضَاءُ عَنْ تَقْصِيرٍ إنْ كَانَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ [الحجر: ٨٥] قَالَ: الرِّضَى بِغَيْرِ عِتَابٍ. وَقَالَ ابْنُ الرُّومِيِّ: هُمْ النَّاسُ وَالدُّنْيَا وَلَا بُدَّ مِنْ قَذًى ... يُلِمُّ بِعَيْنٍ أَوْ يُكَدِّرُ مَشْرَبَا وَمِنْ قِلَّةِ الْإِنْصَافِ أَنَّك تَبْتَغِي الْمُهَذَّبَ ... فِي الدُّنْيَا وَلَسْت الْمُهَذَّبَا وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: تَوَاصُلُنَا عَلَى الْأَيَّامِ بَاقٍ ... وَلَكِنْ هَجْرُنَا مَطَرُ الرَّبِيعِ يَرُوعُك صَوْبُهُ لَكِنْ تَرَاهُ ... عَلَى عِلَّاتِهِ دَانِي النُّزُوعِ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَلْقَى غِضَابًا ... سِوَى ذُلِّ الْمُطَاعِ عَلَى الْمُطِيعِ وَأَنْشَدَنِي الْأَزْدِيُّ: لَا يُؤْيِسَنَّكَ مِنْ صَدِيقٍ نَبْوَةٌ ... يَنْبُو الْفَتَى وَهُوَ الْجَوَادُ الْخِضْرِمُ فَإِذَا نَبَا فَاسْتَبْقِهِ وَتَأَنَّهُ ... حَتَّى تَفِيءَ بِهِ وَطَبْعُك أَكْرَمُ وَأَمَّا الْمَلُولُ وَهُوَ السَّرِيعُ التَّغَيُّرِ، الْوَشِيكُ التَّنَكُّرِ، فَوِدَادُهُ خَطَرٌ

1 / 174