Adab Dunia dan Din

al-Mawardi d. 450 AH
138

Adab Dunia dan Din

أدب الدنيا والدين

Penerbit

دار مكتبة الحياة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1407 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Tasawuf
فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاَلَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ٢١] . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هِيَ الرَّحِمُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِوَصْلِهَا، وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ فِي قَطْعِهَا، وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ فِي الْمُعَاقَبَةِ عَلَيْهَا. وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ ﷿ أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِيَ الرَّحِمُ اشْتَقَقْتُ لَهَا مِنْ اسْمِي اسْمًا فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ» . وَرُوِيَ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «صِلَةُ الرَّحِمِ مَنْمَاةٌ لَلْعَدَدِ، مَثْرَاةٌ لِلْمَالِ، مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ، مَنْسَأَةٌ فِي الْأَجَلِ» . وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ بِالْحُقُوقِ، وَلَا تَجْفُوهَا بِالْعُقُوقِ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: صِلُوا أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّهَا لَا تُبْلَى عَلَيْهَا أُصُولُكُمْ، وَلَا تُهْضَمُ عَلَيْهَا فُرُوعُكُمْ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: مَنْ لَمْ يَصْلُحْ لِأَهْلِهِ لَمْ يَصْلُحْ لَك، وَمَنْ لَمْ يَذُبَّ عَنْهُمْ لَمْ يَذُبَّ عَنْك. وَقَالَ بَعْضُ الْفُصَحَاءِ: مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللَّهُ وَرَحِمَهُ، وَمَنْ أَجَارَ جَارَهُ أَعَانَهُ اللَّهُ وَجَارَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ: وَحَسْبُك مِنْ ذُلٍّ وَسُوءِ صَنِيعَةٍ ... مُنَاوَاةُ ذِي الْقُرْبَى وَإِنْ قِيلَ قَاطِعُ وَلَكِنْ أُوَاسِيهِ وَأَنْسَى ذُنُوبَهُ ... لِتُرْجِعَهُ يَوْمًا إلَيَّ الرَّوَاجِعُ وَلَا يَسْتَوِي فِي الْحُكْمِ عَبْدَانِ: وَاصِلٌ ... وَعَبْدٌ لِأَرْحَامِ الْقَرَابَةِ قَاطِعُ وَأَمَّا الْمُصَاهَرَةُ: وَهِيَ الثَّالِثُ مِنْ أَسْبَابِ الْأُلْفَةِ فَلِأَنَّهَا اسْتِحْدَاثُ مُوَاصَلَةٍ، وَتَمَازُجُ مُنَاسَبَةٍ، صَدَرَا عَنْ رَغْبَةٍ وَاخْتِيَارٍ، انْعَقَدَا عَلَى خَيْرٍ وَإِيثَارٍ، فَاجْتَمَعَ فِيهَا أَسْبَابُ الْأُلْفَةِ وَمَوَادُّ الْمُظَاهَرَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: ٢١] يَعْنِي بِالْمَوَدَّةِ الْمَحَبَّةَ، وَبِالرَّحْمَةِ الْحُنُوَّ وَالشَّفَقَةَ، وَهُمَا مِنْ

1 / 153