196

Acts of the Messenger ﷺ and Their Indications for Sharia Rulings

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

Penerbit

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Nombor Edisi

السادسة

Tahun Penerbitan

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

المطلب الأول أن لفعله ﷺ عند الله تعالى حكمًا شرعيًا
وذلك أنه ﷺ بش ر مكلّف كسائر المكلفين، إذ هو عبد مربوب، وقد نزل عليه الوحي آمرًا وناهيًا.
والذي قد يورد على هذا، أن يقال: ليس كل فعل فيه حكم شرعي، وإذا لم يكن في كل فعل حكم شرعي، احتمل أن يكون ما فعله ﷺ صادرًا عن العمل على مرتبة الإباحة العقلية، أي بناء على أن لا حكم في المسألة، فإذا استفيد من فعله حكم الفعل في حقنا، نسب ذلك إلى الشرع. فكانت الاستفادة خطأ.
والذي نقوله في هذه الشبهة: إنها لا يمكن إيرادها على أحكام الأفعال التي يُتَقَرَّبُ بها واجب ومندوب، وإنما على الأفعال التي يفعلها ﷺ على درجة الإباحة، فتلك يحتمل فيها هذا القول. فمن قال بوجود مرتبة العفو في الشريعة، لزمه أن يقول إن تلك الأفعال لا تدل على الإباحة الشرعية، بل على الإباحة العقلية، أعني أن الفعل الذي فعله ﷺ يكون خاليًا عن حكم شرعي.
ومن نفى مرتبة العفو أصلًا لم يلزمه ذلك.
وقد تقدم الكلام في مرتبة العفو.
المطلب الثاني أنه ﷺ عالم بالحكم الشرعي في حق نفسه
فقد ضمن له الله تعالى أن لا ينسى شيئًا من الكتاب الموحى إليه به، وضمن الله تعالى أن عليه بيانه لرسوله ﷺ. فالأحكام الموحى بها إليه ﷺ ظاهرة عنده لا تخفى. وهذا العنصر الهام هو أحد الدواعي التي تحدو بعلماء الملة إلى تتّبع أفعاله ﷺ لأجل الاقتداء بها. وقد أشار إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله

1 / 203