290

Acts of the Messenger ﷺ and Their Indications for Sharia Rulings

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

Penerbit

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Edisi

السادسة

Tahun Penerbitan

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

وأبي حنيفة والشافعي في قول (١) وأحمد في رواية (٢)، وكان مالك بن الحويرث يعلّمها الناس. ولم ينقل فعلها عن أحد من الصحابة غيره (٣).
وغاية ما يصحّ أن يقال في قوْلتِهِ ﷺ: "صلوا كما رأيتموني أصلي" إنها إرشاد من النبي ﷺ لمالك، ومن كان في مثل حاله ﵁، ممن لم يسعفه الوقت للتعلم، والتفريق بين واجبات الصلاة وسننها، وما ليس من واجباتها، ولا من سننها، فيقال له: اصنع مثل فعل فلان من الناس، وفلان ممن يحسن الصلاة. فيشابهه في الصورة دون القصد.
أما أن يكون كل ما فعله النبي ﷺ في الصلاة بيانًا، ويكون بذلك واجبًا، فذلك أمر يتجاوز ما يدل عليه هذا الحديث بملابساته الواردة في كتب السنة. بل هذه واقعة حال. ووقائع الأحوال مشهور الكلام فيها. فلا تحمل على العموم، لأن الخطاب فيها موجه إلى مالك وصحبه، فلا يشاركهم في المدلول إلاّ من كان في مثل حالهم (٤).
أما من سواهم من أهل العلم، من المجتهدين والمتفرغين، فعليهم أن يعتمدوا في التفريق بين واجبات الصلاة وسننها على الدلائل الكثيرة المبثوثة في الكتاب والسنة. فإن لم يكن ثم شيء يميّز بينها فإنها تكون من الأفعال المجردة، وسيأتي حكمها إن شاء الله.
جواب آخر: وقد أجاب به أبو شامة: سلّمنا أن الحديث يدل على أن صلاته ﷺ بيان، لكنها بيان للصلاة المطلوبة من المسلمين، بواجباتها وسنها وما يجوز فيها، فلماذا يحمل فعله ﷺ على أنه للواجب خاصة؟.
بل الناتج من كون صلاته بيانًا أن يكون كل فعل فعله ﷺ في الصلاة دائرًا بين هذه الأنواع الثلاثة، والعمدة في تمييز بعضها عن بعض إما القول، وإما

(١) ابن دقيق العيد: الأحكام ٢٢٥/ ١
(٢) ابن قدامة: المغني ٥٢٩/ ١
(٣) المصدر السابق ٥٢٩/ ١
(٤) وانظر: المحقق لأبي شامة.

1 / 299