والأموات: جمع ميت بمعنى المعدوم. والإحياء بمعنى الخلق. والمعنى: كيف تكفرون بالله، وحالكم أنكم كنتم معدومين فخلقكم؟! ويصح أن يفسر الأموات بفاقدي الحياة، والإحياء بنفخ الروح فيهم، والمعنى: كنتم أمواتًا يوم استقراركم نطفًا في الأرحام إلى تمام الأطوار بعدها، فنفخ فيكم الأرواح، وأصبحتم في طور إحساس وحركة وتفكير وبيان.
وبعد أن وبخهم على كفرهم بمن أخرجهم من الموت إلى الحياة، أورد جملًا لاستيفاء الأطوار التي ينتقل فيها الإنسان من مبدأ الحياة إلى مقره الخالد في دار نعيم أو عذاب، فقال تعالى:
﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾:
﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾: بقبض أرواحكم عند انقضاءآجالكم، ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾: ببعثكم بعد الموت، ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾: تصيرون إليه دون سواه، فيجمعكم في المحشر، ويتولى حسابكم والحكم في أمركم، ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانفطار: ١٩].
أما الإماتة، فيشاهدونها بأعينهم، وأما البعث، فقد نبّه على ما يدل على صحته، وينفي استبعاده أو استحالته، فإنه لما قدر تعالى على إحيائهم أولًا، وجب أن يقدر على إحيائهم ثانيًا، فإن بدء الخلق ليس بأهونَ عليه من إعادته.
وفي قوله: ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ترهيب لمن ينزع إلى الشر، ويرتكب المعاصي من غير مبالاة، وترغيب لمن يقبل على فعل الخير، ويقوم على الطاعات.