﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾:
هذا من جملة ميثاق بني إسرائيل المفتتح بقوله: ﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾.
والحسن: ضد القبح، فهو مصدر بمعنى: حَسَن؛ أي: ذي حسن، وقع موقع الصفة لمصدر محذوف. والمعنى: قولوا قولًا حسنًا. وفي وصف القول بالمصدر الذي هو الحُسْن مكان الوصف الذي هو ذو حُسن مبالغةٌ في حسنه على ما هو معروف في فنون البيان. والأعمال الصالحة إما أن ترجع إلى حسن طاعة العبد لربه، وهي المشار إليها بقوله تعالى: ﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾، وإما أن ترجع إلى حسن معاملة العبد لغيره من الناس، وهي المشار إليها بقوله تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ إلى قوله: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾. ثم إن حقوق الناس في حسن المعاملة متفاوتة، فأحقهم بالإحسان: الوالدان؛ لما لهما من فضل الولادة والعطف والتربية، ثم أولو القربى؛ رعاية لحق القرابة، ثم اليتامى؛ لقصور أيديهم وضعفها عن الكسب، ثم المساكين؛ لسد حاجاتهم، والفوز بثواب الرحمة بهم، وسائر الناس ممن ليسوا في حاجة إلى الإحسان إليهم بالفعل، يكفي في البر بهم أن يلاقيهم الإنسان بالطيب من القول، ويجيبهم بما يجب أن يجاب به. وهذا النوع من الإحسان سهل على النفوس؛ بحيث يستطيع الإنسان - متى قدر فضل التودد لخيار الناس قدره - أن يجري عليه في كل حال.
بنيَّ إن البِرّ شيء هَيِّن ... وجه طليقٌ ولسانٌ لَيِّن
﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾:
هذا خطاب لبني إسرائيل معطوف على ما قبله. والصلاة التي أمروا بإقامتها، والزكاة التي أمروا بإيتائها، هما الصلاة والزكاة المشروعتان في