Abu Syuhada Husayn Ibn Ali
أبو الشهداء الحسين بن علي
Genre-genre
حرب النور والظلام
وكانت فئة الحسين صغيرة كما علمنا قد رصدت لها هنالك تلك الفئة الكبيرة التي تناقضها أتم ما يكون التناقض بين طرفين، وتباعدها أبعد ما تكون المسافة بين قطبين، فكل ما فيها أرضي مظلم مسف بالغ في الإسفاف، وليس فيها من النفحة العلوية نصيب.
أللمصادفات نظام وتدبير؟!
نحن لا نعلم إلا أنها مصادفات يخفى علينا ما بينها من الوشائج والصلات، ولكنها - لذلك - هي الأعاجيب التي تستوقف النظر لعجبها العاجب، وإن لم تستوقفه لما يفهمه فيها من نظام وتدبير.
فجيرة كربلاء كانت قديما من معاهد الإيمان بحرب النور والظلام، وكان حولها أناس يؤمنون بالنضال الدائم بين أورمزد وأهرمان، ولكنه كان في حقيقته ضربا من المجاز وفنا من الخيال.
وتشاء مصادفات التاريخ إلا أن ترى هذه البقاع التي آمنت بأورمزد وأهرمان حربا هي أولى أن تسمى حرب النور والظلام من حرب الحسين ومقاتليه. •••
وهي عندنا أولى بهذه التسمية من حروب الإسلام والمجوسية في تلك البقاع وما وراءها من الأرض الفارسية لأن المجوسي كان يدافع شيئا ينكره؛ ففي دفاعه معنى من الإيمان بالواجب كما تخيله ورآه، ولكن الجيش الذي أرسله عبيد الله بن زياد لحرب الحسين كان جيشا يحارب قلبه لأجل بطنه أو يحارب ربه لأجل واليه؛ إذ لم يكن فيهم رجل واحد يؤمن ببطلان دعوى الحسين أو رجحان حق يزيد، ولم يكن فيهم كافر ينفح عن عقيدة غير عقيدة الإسلام، إلا من طوى قلبه على كفر كمين هو مخفيه، ولا نخالهم كثيرين.
ولو كانوا يحاربون عقيدة بعقيدة، لما لصقت بهم وصمة النفاق ومسبة الأخلاق؛ فعداوتهم ما علموا أنه الحق وشعروا أنه الواجب أقبح بهم من عداوة المرء ما هو جاهله بعقله ومعرض عنه بشعوره؛ لأنهم يحاربون الحق وهم يعلمون.
ومن ثم كانوا في موقفهم ذاك ظلاما مطبقا، ليس فيه من شعور الواجب بصيص واحد من عالم النور والفداء؛ فكانوا حقا في يوم كربلاء قوة من عالم الظلام تكافح قوة من عالم النور.
أقربهم إلى العذر يومئذ من اعتذر بالفرق والرهبة؛ لأنهم أكرهوه بالسيف على غير ما يريد، فكان الجبن أشرف ما فيهم من خصال السوء.
Halaman tidak diketahui