Abu Syuhada Husayn Ibn Ali
أبو الشهداء الحسين بن علي
Genre-genre
وتضطرب الأقاويل في وقائع هذه الأيام؛ لتلاحقها وكثرتها وكثرة رواتها والعاملين فيها، ولكن الشائع من تلك الأقاويل ينبئنا عن عنت شديد لقيه عبيد الله بن زياد في مغالبة مسلم وشيعته، وأنه هرب مرة من المسجد؛ لأن الناس بصروا بمسلم مقبلا فتصايحوا بعبيد الله فاعتصم بقصره وأغلق عليه أبوابه.
واجتمع إلى مسلم أربعة آلاف من حزبه، فأمر من ينادي في الناس بشعار الشيعة: «يا منصور! أمت.» ثم تقدم إلى قصر الإمارة في تعبئة كتعبئة الجيش.
ولم يكن في القصر إلا ثلاثون رجلا من الشرط وعشرون من أهل الكوفة، فخامر اليأس عبيد الله وظن أنه هالك قبل أن يدركه الغوث من مولاه، ولكنه تحيل بما في وسع المستميت من حيلة هي على أية حال أجدى وأسلم له من التسليم، فأنفذ أنصاره إلى كل صوب في المدينة يعدون ويتوعدون. وانطلق هؤلاء الأنصار يرجفون بقرب وصول المدد الزاخر من يزيد، وينذرون الناس بقطع العطاء، وأخذ البريء بالمذنب والغائب بالشاهد، ويبذلون المال لمن يرشى بالمال، والوعد لمن يقنع بالوعد إلى حين.
مقتل مسلم بن عقيل
وتوسلوا بكل وسيلة تبلغ بهم ما أرادوا من تخذيل الناس عن مسلم بن عقيل حتى كانوا يرسلون الزوجة وراء زوجها والأم وراء ولدها والأخ وراء أخيه، فيتعلقون بهم حتى يقفلوا إلى دورهم أو يدخلوا بهم في زمرة عبيد الله.
فلما غربت شمس ذلك اليوم، نظر مسلم حوله فإذا هو في خمسمائة من أولئك الآلاف الأربعة، ثم صلى المغرب فلم يكن وراءه في الصلاة غير ثلاثين تسللوا من حوله تحت الظلام، وبقي وحيدا في المسجد لا يجد معه من يدله على منزل يأوي إليه.
وتسمع عبيد الله من القصر حين سكنت الجلبة، وسأل أصحابه أن يشرفوا ليروا من بقي من تلك الجموع؛ فلم يروا أحدا ولم يسمعوا صوتا. فخيل إليهم أنها مكيدة حرب وأن القوم رابضون تحت الظلال، فأدلى القناديل والمشاعل حتى اطمأن إلى خلو المسجد وتفرق مسلم وأتباعه، فدعا إلى الصلاة الجامعة وأمر المنادين في أرجاء الكوفة: «ألا برئت الذمة من رجل من الشرطة والعرفاء والمناكب - رءوس العرفاء - والمقاتلة، صلى العشاء إلا في المسجد.» •••
وأقام الحراس خلفه وهو يصلي بمن أجابوه وقد امتلأ بهم المسجد، فخطبهم بعد الفراغ من صلاته قائلا: «برئت ذمة الله من رجل وجدنا ابن عقيل في داره.»
وصاح في رئيس شرطته: «يا حصين بن نمير! ثكلتك أمك إن ضاع باب سكة من سكك الكوفة وخرج هذا الرجل ولم تأتني به، وقد سلطتك على دور أهل الكوفة فابعث مراصد على أفواه السكك، وأصبح غدا فاستبرئ الدور وجس خلالها حتى تأتيني بهذا الرجل.»
وما هي إلا سويعات حتى جيء بابن عقيل وقد دافع الشرط عن نفسه ما استطاع، ووصل إلى القصر جريحا مجهدا ظمآن فأهوى إلى قلة عند الباب فيها ماء بارد ، فقال له أحد أصحاب عبيد الله: «أتراها ما أبردها! والله لا تذوق منها قطرة حتى تذوق الجحيم في نار جهنم!»
Halaman tidak diketahui