Abu Syuhada Husayn Ibn Ali
أبو الشهداء الحسين بن علي
Genre-genre
الحسين في مكة
عمل يزيد بوصية أبيه، فلم يكن له هم منذ قيامه على الملك إلا أن يظفر ببيعة الحسين وعبد الله بن الزبير في مقدمة النفر الذين أنكروا العهد له في حياة معاوية.
وكان الوليد بن عقبة بن أبي سفيان والي معاوية يومئذ على المدينة، فلما جاءه كتاب يزيد بنعي أبيه، وأن يأخذ أولئك النفر بالبيعة «أخذا شديدا ليس فيه رخصة» دعا إليه بمروان بن الحكم، فأشار عليه بمشورته التي جمعت بين الإخلاص وسوء النية، وفحواها أن يبعث إلى الحسين وابن الزبير، فإن بايعا وإلا ضرب عنقيهما!
وحدث بين الحسين والوليد ما تقدمت الإشارة إليه في محضر مروان؛ إذ عاد الحسين إلى بيته، وقد عول على ترك المدينة إلى مكة كما تركها ابن الزبير من قبله، فخرج منها لليلتين بقيتا من شهر رجب سنة ستين للهجرة، ومعه جل أهل بيته وإخوته وبنو أخيه، ولزم في مسيره إلى مكة الطريق الأعظم فلم يتنكبه كما فعل ابن الزبير مخافة الطلب من ورائه. فصحت في الرجلين فراسة معاوية في هذا الأمر الصغير، كما صحت في غيره من كبار الأمور.
وانصرف الناس في مكة إلى الحسين عن كل مطالب بالخلافة غيره، ومنهم ابن الزبير، فكان ابن الزبير يطوف بالكعبة كل يوم ويتردد عليه في صباحه ومسائه، يتعرف رأيه وما نمي إليه من آراء الناس في الحجاز، والعراق، وسائر الأقطار الإسلامية.
فلبث الحسين في مكة أربعة أشهر على هذه الحال، يتلقى بين آونة وآونة دعوات المسلمين إلى الظهور وطلب البيعة، ولا سيما أهل الكوفة وما جاورها؛ فقد كتبوا إليه يقولون: إن هنالك مائة ألف ينصرونك. وألحوا في الكتابة يستعجلونه الظهور.
وتردد الحسين طوال هذه الأشهر فيما يفعل بهذه الدعوات المتتابعات، فبدا له أن يتمهل حتى يتبين جلية القوم ويستطلع طلعهم من قريب.
وآثر أن يرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب يمهد له طريق البيعة إن رأى فيها محلا لتمهيد، وكتب إلى رؤساء أهل الكوفة قبل ذلك كتابا يقول فيه: «أما بعد، فقد أتتني كتبكم وفهمت ما ذكرتم من محبتكم لقدومي عليكم، وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل، وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم، فإن كتب إلي أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجى منكم على مثل ما قدمت علي به رسلكم وقرأت في كتبكم، أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله، فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والدائن بالحق، والحابس نفسه على ذات الله، والسلام.» •••
ثم بلغ الحسين أن مسلما قد نزل الكوفة، فاجتمع على بيعته للحسين اثنا عشر ألفا، وقيل: ثمانية عشر ألفا؛ فرأى أن يبادر إليه قبل أن يتفرق هذا الشمل ويطول عليهم عهد الانتظار والمراجعة، فظهر عزمه هذا لمشيريه من خاصته وأهل بيته فاختلفوا في مشورتهم عليه بين موافق ومثبط وناصح بالمسير إلى جهة غير جهة العراق.
وكان أخوه محمد ابن الحنفية يرى - وهو بعد في المدينة - أن يبعث رسله إلى الأمصار ويدعوهم إلى مبايعته قبل قتال يزيد فإن أجمعوا على بيعته فذاك، وإن اجتمع رأيهم على غيره «لم ينقض الله بذلك دينه ولا عقله».
Halaman tidak diketahui