Abu Syuhada Husayn Ibn Ali
أبو الشهداء الحسين بن علي
Genre-genre
فأقسم أبوه حين بلغه هذان البيتان ليلحقن بالجيش ليدرأ عنه عار النكول والشماتة بجيش المسلمين بعد شيوع مقاله في خلواته. •••
من أعجب عجائب المناقضة التي تمت في كل شيء بين الحسين ويزيد أن يزيد لم يختص بمزية محمودة تقابل نظائرها من مزايا الحسين، حتى في تلك الخصال التي تأتي بها المصادفة، ولا فضل فيها لأصحابها، ومنها مزية السن وسابقة الميلاد.
فلما تنازعا البيعة كان الحسين في السابعة والخمسين مكتمل القوة ناضج العقل وافي المعرفة بالعلم والتجربة، كان يزيد في نحو الرابعة والثلاثين لم يمارس من شئون الرعاة ولا الرعية ما ينفعه بين هؤلاء أو هؤلاء.
ومزية السن هذه قد يطول فيها الأخذ والرد بين أبناء العصور الحديثة، ولكنها كانت تقطع القول في أمة العرب حيث نشأ الأسلاف والأخلاف على طاعة الشيوخ ورعاية الأعمار. وهذا على أن السابعة والخمسين ليست بالسن التي تعلو بصاحبها في الكبر حتى تسلبه مزية الفتوة ومضاء العزيمة.
كذلك لا يقال إن «الوراثة المشروعة» في الممالك كان لها شأن يرجح بيزيد على الحسين في ميزان العروبة والإسلام. فقد كان توريث معاوية ابنه على غير وصية معروفة من السلف بدعة هرقلية كما سماها المسلمون في ذلك الزمان، ولم يكن معقولا أن العرب في صدر الإسلام يوجبون طاعة يزيد لأنه ابن معاوية، وهم لم يوجبوا طاعة آل النبي في أمر الخلافة لأنهم قرابة محمد
صلى الله عليه وسلم .
فقد شاءت عجائب التاريخ إذن أن تقيم بين ذينك الخصمين قضية تتضح فيها النزعة النفعية على نحو لم تتضحه قط في أمثالها من القضايا، وقد وجب أن ينخذل يزيد كل الخذلان لولا النزعة النفعية التي أعانته وهو غير صالح لأن يستعين بها بغير أعوان من بطانته وأهله، ولئن كان في تلك النزعة النفعية مسحة تشوبها من غير معدنها الوضيع لتكونن هي عصبية القبيلة من بني أمية، وهي هنا نزعة مواربة تعارض الإيمان الصريح ولا تسلم من الختل والتلبيس. •••
لهذا شك بعض الناس في إسلام ذلك الجيل من الأمويين، وهو لا شك لا نرتضيه من وجهة الدلائل التاريخية المتفق عليها. فقد يخطر لنا الشك في صدق دين أبي سفيان؛ لأن أخباره في الإسلام تحتمل التأويلين، ولكن معاوية كان يؤدي الفرائض، ويتبرك بتراث النبي، ويوصي أن تدفن معه أظافره التي حفظها إلى يوم وفاته. وليس بيسير علينا أن نفهم كيف ينشأ معاوية الثاني على تلك التقوى وذلك الصلاح وهو ناشئ في بيت مدخول الإسلام، يتصارح أهله أحيانا بما ينم على الكفر به أو التردد فيه.
إنما هي الأثرة، ثم الخرق في السياسة، ثم التمادي في الخرق مع استثارة العناد والعداء، وفي تلك الأثرة ولواحقها ما ينشئ المقابلة من أحد طرفيها في هذه الخصومة، ويتم المناظرة في شتى بواعثها بين ذينك الخصمين الخالد، ونعني بهما ها المثالية والواقعية، وما الحسين واليزيد إلا المثالان الشاخصان مهما للعيان.
الفصل الرابع
Halaman tidak diketahui