Abu Nuwas
أبو نواس: الحسن بن هانئ
Genre-genre
أزما منه على الصلب
تلك لذاتي وكنت فتى
لم أقل من لذة حبي
وقد غير هنا البحر ولم يستطع أن ينزع عن لوازم العرض في باب الطرد، وهي الإغراب في اللفظ، فملأ هذا البحر المستخف بالجلاميد الجافية من مفردات اللغة الوعرة؛ لأن الغرض الأكبر هو إظهار القدرة على الإغراب ومحاكاة الأعراب.
فالشاعر على هذا ماض مع طبيعة العرض تملي عليه هذه الطبيعة أن ينعي على الأطلال فينعاها، وتملي عليه أن يحذو حذو الأقدمين فيبالغ في محاكاتهم، وينتزع من درايته باللغة شملة بدوية لا ملاءمة بينها وبين أسلوبه، حيث يلبس للحضر لبوسه ويناجي أبناءه وبناته بما يأنسون من لغة الأندية ومجالس اللذات.
وقد سئل الشاعر عن جيده ورديئه فقال: إذا أردت أن أجد قلت مثل قصيدي: «المنتاب من عفره»، وإذا أردت العبث قلت مثل قصيدي: «طاب الهوى لعميده». فأما الذي أغني فيه وحدي وكله جد «فإذا وصفت الخمر».
وهذه رواية تشككنا في صحتها أو تشككنا في صواب أبي نواس حين يحكم على شعره، فإن قصيدته: «طاب الهوى لعميده» ليست من شعره الرديء على كثرة الرديء منه، ولكن الصواب - لو كان أبو نواس ينفذ إلى دخيلة طبعه - أن يقول: إنه يجيد حين يجمع قريحته للعرض الفني، ويسف ويهبط حين ينسى العرض، ويترك قريحته في مباذلها! •••
على أن النرجسية قد استوفت نصيبها من كل مسماها، فليس التهافت على العرض كل ما يجنيه الفنان من الطبيعة النرجسية، وليس بالنادر أن يستفيد منها نفخة من لطافة الحدس، وشفافية الحس تلهمه الخواطر التي تدق على الطبيعة الخشنة، وهذه المزية لم يحرمها أبو نواس، فأفادته زكانة في كثير من طرائفه كأنها زكانة تلك اللغة الوحيدة، التي كان يتفاهم بها مع أودائه ويعنيها بقوله:
أزور محمدا فإذا التقينا
تكلمت الضمائر في الصدور
Halaman tidak diketahui