قال: «عفوا أيتها الدهقانة. إن مجيئك بركة وفأل حسن، وأنا على يقين من ذلك، وسترين صدق قولي.»
قالت: «أنت صادق، ولكنا علمنا شؤم مجيئنا من النبال التى رأيناها تتساقط حولنا منذ أنيخت المطايا بنا.»
فازداد علي حماسة وأريحية، وهان عليه كل صعب في سبيل رضاها، وقال: «إنك ستبيتين غدا في دار الإمارة، بإذن الله.» قال ذلك إرضاء لخاطرها، ولم يدر أنه قيد نفسه بوعد دون الوصول إليه خرط القتاد، فلم تغفل ريحانة عن اغتنام تلك الهفوة، فنظرت إلى مولاتها وهي تظهر الإعجاب بأريحية علي وقالت: «إن الأمير يا مولاتي قد قال - وقوله عهد - إنك لا تبيتين غدا إلا في دار الإمارة.»
فقال علي وقد أخذ الهيام منه مأخذا عظيما واستسهل الصعب: «نعم. لا تبيتين إلا في دار الإمارة.» ثم أدرك تسرعه فأراد أن يوسع على نفسه فقال: «وأعاهدك على الأقل أني لا أتمتع بهذا الوجه الجميل إلا في تلك الدار.»
فأطرقت جلنار حياء وتشاغلت بالعبث بأهداب المطرف وسكتت، فأجابت ريحانة عنها قائلة: «بورك فيك من شهم حر. والحر إذا عاهد وفى.»
فنهض وقد ثارت النخوة في رأسه وقال: «أستودعك الله، وسترين بلائي غدا؛ فاذهبي الآن إلى فراشك واستريحي.» ثم خرج وهو يجر سيفه وراءه.
فلما توارى نظرت ريحانة إلى سيدتها وهي تبتسم، وقالت لها بالفارسية: «ما قولك في هذا العهد؟»
قالت جلنار: «لا بأس به، ولكني أخشى أن يتمكن من دخول مرو غدا.»
قالت ريحانة: «لا أظنه يستطيع، وإذا تمكن من ذلك كان جديرا بك ؛ إذ لا يكون لأبي مسلم حينئذ شأن.»
فقطعت كلامها وقالت: «لا تقولي ذلك. إن أبا مسلم وهو مكبل بالأغلال أحب إلي من سواه ولو كان يتربع على عرش كسرى.»
Halaman tidak diketahui