ومن ذلك العهد عرف عيد الملاك ميخائيل، واتخذه الألوف من الأقباط شفيعا لهم وحاميا يصنعون الفطائر باسمه في كل سنة ويقدمونها إلى الفقراء، ويهدونها إلى الأصدقاء والأقرباء.
وبنيت باسم الملاك ميخائيل كنائس لا يزال بعضها قائما، منها كنائس طوخ طنبشا بجوار بركة السبع، وكنيسة سبرباي بقرب طنطا، والملاك البحري عند مدخل حدائق القبة، والملاك القبلي بقرب المعادي.
فعيد الملاك عيد مصري قبل أن يكون عيدا دينيا.
وعن هذا العيد روى ابن عبد الحكم روايته المشهورة عن «عروس النيل» التي قال فيها:
ولما فتح عمرو بن العاص مصر أتى أهلها إليه حين دخل بئونة من أشهر العجم (كذا)، فقالوا له: أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها. فقال لهم: وما ذاك؟ قالوا: إنه إذا كان لثنتي عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر، عمدنا إلى جارية بكر من أبويها فأرضينا أبويها، وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في النيل. فقال لهم عمرو: إن هذا لا يكون في الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما كان قبله ... إلى آخر القصة المعروفة.
وقد تناقل المؤرخون الرواية كأنها حقيقة ودونت في كتب التاريخ المقررة في وزارة المعارف ، إلى أن نهض بعض المحققين فأثبتوا أن الرواية خرافة، ووافقتهم وزارة المعارف على ما رأوا، وأمرت بحذف خبر العروس من كتب الميري منذ بضع سنوات.
وقال المقريزي في علاقة عيد الملاك ميخائيل بالنيل:
ومما اشتهر عند أهل مصر وجربته أيضا فصح، أن يؤخذ قبل عيد ميكائيل بيوم في وقت الظهر من الطين الذي مر عليه ماء النيل قطعة زنتها ستة عشر درهما، وتوضع في إناء مغطى إلى بكرة يوم عيد ميكائيل وتوزن، فما زاد على وزنها من الخراريب كان مبلغ النيل في تلك السنة بقدر عدد تلك الخراريب، لكل خروبة ذراع.
ومن ذلك أخذ شيء من دقيق القمح وعجنه بماء النيل في إناء فخار عمل من طين مر عليه النيل، وتركه مغطى طول ليلة عيد ميكائيل. فإذا وجد بكرة يوم العيد قد اختمر بنفسه، كان النيل تاما وافيا، وإن وجد لم يختمر دل على قصور النيل في هذه السنة.
ثم ينظرون مع ذلك بكرة يوم عيد ميكائيل إلى الهواء، فإن هبت طيابا فهو نيل كبير، وإن هبت غير طياب فهو مقصر ... إلخ إلخ.
Halaman tidak diketahui