Abkar al-Afkar fi Usul al-Din
أبكار الأفكار في أصول الدين
Genre-genre
وعند ذلك فلا يلزم من تعلق الأمر بالمأمور به ، مع عدمه تعلقه بالمأمور ، مع عدم الفهم ؛ فإن تعلقه بالمأمور به ليس تعلق تكليف ؛ بخلاف تعلقه بالمأمور.
والقول بأنه إذا جاز وجود مأمور ، ولا أمر ؛ جاز وجود أمر ، بلا (1) مأمور (1)؛ فدعوى مجردة عن الدليل.
كيف : وأنه لا يلزم من كون الشخص مكلفا بما كان من الأمر مع وجود شرط التكليف ، وهو الفهم ، تحقق أمر التكليف مع انتفاء شرطه ، وهو فهم المأمور.
وعلى هذا : فقد خرج الإلزام بالقدرة ؛ إذ القدرة معنى من شأنه تحقق الوجود (2) الممكن به (2)، لا ما يلازمه الوجود ؛ وذلك متحقق بدون وجود المقدور بخلاف الأمر ؛ فإنه تكليف ، والتكليف بدون شرط ممتنع ؛ فإذن معنى كون المعدوم مأمورا. ليس معناه غير تعلق الأمر به بشرط الوجود والفهم ، على ما أسلفناه.
وما ذكروه في تحقق معنى الطاعة ، والعبودية ، والبعثة ؛ فغير صحيح ؛ وإلا لزم أن يكون كل تسخير بفعل شيء أمرا ، وبتركه نهيا ؛ وأن لا يكون الانقياد على وفق التسخير طاعة ، كان ذلك في نفسه عبادة ، أو معصية ؛ وهو محال ؛ فإنه ليس كل ما سخر به مأمورا ، ولا كل ما انقاد العبد إلى فعله وإن كان على وفق التسخير طاعة.
وعلى هذا فلا بد من تفسير الأمر والنهى بما وراء ذلك. وهو ما يعد في نظر أهل العرف تكليفا ، ولو لا ذلك لما تحقق معنى التبليغ ، والرسالة على ما أسلفناه.
قولهم : إن المعنى النفسانى لا يسمى كلاما. لا نسلم ذلك ؛ إذ (3) لا مانع منه من جهة الإطلاق ؛ فإنه يصح أن يقال : فى نفسى كلام ، وفي نفس فلان كلام. ومنه قوله تعالى ( ويقولون في أنفسهم ) (4). ومنه قول الشاعر (5):
إنه الكلام لفى الفؤاد وإنما
جعل اللسان على الفؤاد دليلا
Halaman 393