110

الرد القويم على المجرم الأثيم

الرد القويم على المجرم الأثيم

Penerbit

الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٣ هـ

Lokasi Penerbit

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genre-genre

فلا يجوز أن يتوهم أن عمر يوصيهم بالإِقلال من الشر. وهذا يدلك على أنه إنما أمرهم بذلك خوف مواقعة الكذب على رسول الله ﷺ وخوف الاشتغال عن تدبر السنن والقرآن لأن المكثر لا تكاد تراه إلا غير متدبر ولا متفقه. وذكر مسلم في كتاب التمييز عن قيس بن عباد قال سمعت عمر بن الخطاب يقول «من سمع حديثا فأداه كما سمع فقد سلم». ومما يدل على هذا ما يروى عن عمر أنه كان يقول «تعلموا الفرائض والسنة كما تتعلمون القرآن» فسوى بينهما. ثم روى ابن عبد البر بإِسناده عن مورق العجلي قال كتب عمر «تعلموا السنة والفرائض واللحن كما تتعلمون القرآن» قالوا اللحن معرفة وجوه الكلام وتصرفه والحجة به. وعمر هو الناشد للناس في غير موقف بل في مواقف شتى من عنده علم من رسول الله ﷺ في كذا. نحو ما ذكره مالك وغيره عنه في توريث المرأة من دية زوجها. وفي الجنين يسقط ميتا عند ضرب بطن أمه وغير ذلك مما لو ذكرناه طال به كتابنا وخرجنا عن حد ما له قصدنا. وكيف يتوهم على عمر ما توهمه الذين ذكرنا قولهم وهو القائل «إياكم والرأي فإِن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها. وعمر أيضا هو القائل «خير الهدي هدي محمد ﷺ» وهو القائل «سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإِن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله». وقد يحتمل عندي أن تكون الآثار كلها عن عمر صحيحة متفقة ويخرج معناها على أن من شك في شيء تركه ومن حفظ شيئا وأتقنه جاز له أن يحدث به. وإن كان الإِكثار يحمل الإِنسان على التقحم في أن يحدث بكل ما سمع من جيد ورديء وغث وسمين وقد قال رسول الله ﷺ «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع». ولو كان مذهب عمر ما ذكرنا لكانت الحجة في قول رسول الله ﷺ دون قوله فهو القائل «نضر الله عبدًا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها وبلغها» وقال النبي ﷺ «تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم».

1 / 109