33

A Glimpse of the Eloquence in Surah Yusuf in the Quran

غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

Penerbit

دار الفاروق للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Lokasi Penerbit

عمان

Genre-genre

﴿قَالُوا﴾ قَوْل مُنْكِرٍ مُستَغْرِبٍ: نُقْسِمُ لَكَ ﴿لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ﴾ جَمَاعَة ﴿إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (١٤)﴾ وَلَنْ نَكُونَ خاسِرينَ البَتَّةَ، وفِي كلامِهِم وَعْدٌ ضِمْنيٌّ لأبيهِم أنَّهم لن يَغْفَلُوا عنه خاصَّة أنَّهم عُصْبَةٌ جماعة قَويَّةٌ، وكأنَّ قُوَّةَ العَبْدِ تَحْفَظُ، ومَتى كانت قُوَّةُ العَبْدِ تُغْنِي عن قُوَّةِ الرَّبِّ؟! وقَدْ تَجَاهَلُوا لأبِيهِم وتَهَرَّبُوا من الإِجَابَةِ على حُزْنِهِ، كأنَّهُم ما فَهِمُوا إلَّا أنَّهُ يَأْمَنُهُم على يُوسُفَ لكنَّهُ يَخَافُ عَليهِ من الذِّئبِ في سَاعَةِ غَفْلَةٍ مِنْهُم. وَدَنَتْ سَاعَةُ الفِراق، فَقَد أرسلَهُ - ﵇ - مَعَهُم، وذَلِكَ لمَّا سَمِعَ المَواثِيقَ والعُهُودَ: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (١١)﴾، ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (١٢)﴾، ﴿إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (١٤)﴾ وقَد قِيلَ:"مَنْ خَدَعَنا في الله انْخَدَعنا له". يُوسُفُ في غَيابَةِ الجُبِّ ولَمْ يَلْبَثُوا إلَّا قَليلًا حتَّى كَذَّبُوا أنْفُسَهُم فِيما أقْسَمُوا، وأخْلَفُوا ما وَعَدُوا، ولم يُراعُوا لأبِيهِم عَهْدًا، ولم يَفُوا له وَعْدًا، مَعَ أنَّ الوَفَاءَ بالعَهْدِ من واجِبَاتِ الدِّينِ ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤)﴾ [الإسراء] لكِنَّ وعْدَهم ذَهَبَ هَدَرًا أدراج الرِّياح أسرع من برق الخُلَّب (^١). ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ﴾ بَعِيدًا عن أبيهِ ﴿وَأَجْمَعُوا﴾ رأيهُم ﴿أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ أن يلقُوهُ في غَوْرِ البِئْرِ، نفَّذوا ما عَزَمُوا عَلَيْهِ. وقَد حُذِفَ جَوابُ ﴿فَلَمَّا﴾ للدّلالَةِ على فَجاعَةِ الأمْرِ وفَظَاعَتِهِ وفداحَتِهِ؛ فما حَدَثَ لا تشْرَحُهُ العِبَارةُ، ولا تَكْفِي فِيهِ الإِشَارَةُ.

(^١) الخلّب: السَّحابُ يُومِضُ بَرْقُه حتى يُرْجَى مَطَره ثم يُخْلِفُ وينقشع، يُضرب مثلًا لمن يعد ثمّ يخلف، أو لمن يخدع بالقول اللّطيف.

1 / 35