169

A Glimpse of the Eloquence in Surah Yusuf in the Quran

غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

Penerbit

دار الفاروق للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Lokasi Penerbit

عمان

Genre-genre

أمَّا قراءة الاستفهام ﴿أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ﴾؟ فإنَّ الهمزة أو الألف ألف تقرير بلفظ الاستفهام، فهو استفهام العالم العارف، ليقرَّ لهم بأنَّه يوُسُفُ وتظهر الحقيقة، ولذلك أجابهم، وعرَّفهم بنفسه ﴿قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي ... (٩٠)﴾ ولعلَّ بعض الإخوة كان قوله خبرًا، وبعضهم استفهامًا، فجاءت القراءتان كذلك، ثمَّ إنَّ القراءتين تنقلان لنا مشهدين مختلفين، فقراءة الإخبار فيها تصوير لمشهد الإخوة وقد ظهرت على صفحات وجوههم أمارات الفرح وعلامات السُّرور، بعد أنْ وقفوا على حياة أخيهم يُوسُفَ، وازدادوا فرحًا على فرحهم لمَّا اعترف لهم بأنَّه يُوسُفُ؛ وكأنِّي بهم وقد حمدوا الله كثيرًا على حياته، وعلى أنَّهم لم يكونوا سببًا في هلاكه، وعلى بلوغه هذه المنزلة، وعلى أنَّهم سيحملون لأبيهم هذه المرَّة خبرًا يثلج قلبه من حرارة الحزن. أمَّا قراءة الاستفهام فتنقل لنا مشهد الإخوة وقد بدت على محيَّاهم أمارات الدَّهشة والاستغراب، بعد أن أخذتهم المفاجأة، وكأنِّي بهم واجمون من هَوْل المفاجأة. ففي القراءتين تصوير للحالة النَّفسيَّة الَّتي عاشها الإخوة. تَوبَةُ الإِخوة وصَفْحُ يُوسُفَ وما أن أتمَّ يُوسُفُ كلامه، حتَّى تمثَّلت لأعينهم صُورَةُ الماضي وذكريات الأمْس، فقالوا مقسمين مقرِّرين نادمين: ﴿تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ﴾ فضَّلك ﴿اللَّهُ عَلَيْنَا﴾ بالمكانة والعِلْمِ والحِلْمِ والتَّقوى ... ﴿وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (٩١)﴾ اعتراف بالخطأ، وتعبيرٌ عن النَّدامة والتَّوبة، يتضمَّن سؤال العفو، وقد ظفروا به، أي والحال أنَّنا كنَّا مذنبين. فكيف قابل يُوسُفُ إقرارهم وتوبتهم وإنابتهم؟ لو كان غيره مكانه لقَالَ: صَحَّ نَومُكم وطَابَ يَومُكم ... أما هو - ﵇ - فوالله ما فكَّر في عِتَابٍ، ولا ملامٍ، ولا

1 / 174