A Course in Hadith Terminology
دورة تدريبية في مصطلح الحديث
Genre-genre
مشروعية الجرح والتعديل
يقول الخطيب: في قول النبي ﷺ للرجل: (بئس أخو العشيرة) دليل على أن إخبار المخبر -والمخبر هنا بمعنى الناقد- بما يكون في الرجل من العيب على ما يوجب العلم والدين، فشرط إخبارك عن رجل بعيب فيه أن يكون ذلك من باب النصيحة في الدين، ولو لم يكن هذا الغرض من باب النصيحة في الدين فهذه غيبة.
يقول: إنه من النصيحة للسائل، وليس ذلك غيبة، إذ لو كان ذلك غيبة لما أطلقه النبي ﷺ، وإنما أراد ﵊ بما ذكر فيه -والله أعلم- أن يبين للناس الحالة المذمومة منه، وهي النفاق من ذلك الداخل والفحش، فيجتنبوها، لا أنه أراد الطعن والسب.
قال: ومما يؤيد ذلك حديث فاطمة بنت قيس حيث قال لها الرسول ﷺ: (أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه).
وذلك عندما ذهبت فاطمة بنت قيس تستشير النبي ﷺ في أبي جهم ومعاوية اللذين تقدما لخطبتها، فقال: (أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه).
ولا شك أن هذا نوع جرح، ولكنه هنا من باب النصيحة في الدين.
فالنبي ﷺ أراد أن يعلمها ويخبرها بما يعلمه عن أبي جهم فقال: (أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه)، أي: فإن قبلتيه على هذا فلكِ ذلك وهو شأنكِ، (وأما معاوية فصعلوك).
والصعلوك في اللغة هو من لا مال له.
ثم أشار النبي ﷺ عليها بأن تنكح أسامة بن زيد ﵄، فنكحها أسامة بن زيد وكان بينهما خير كثير، أي: أنها قبلت نصيحة النبي ﷺ.
ففي هذا الخبر دلالة على أن الجرح جائز في الضعفاء من جهة النصيحة؛ لتجتنب الرواية عنهم، وليُعدل عن الاحتجاج بأخبارهم؛ لأن رسول الله ﷺ ذكر عن أبي جهم أنه لا يضع عصاه عن عاتقه، وأخبر عن معاوية أنه صعلوك لا مال له، ولكن بشرط ألا يتعدى ذلك المستشير.
وهنا فرق بين مسألتين، مسألة أن تأتي امرأة تسألك أنه تقدم لها فلان وتسألك عن رأيك فيه، فيجب عليك في هذا الوقت أن تنصحها بما تعلم إن كان يصلح لها أو لا يصلح.
ومسألة أن تتبرع وتتصدق بأن تذكر لها ذلك دون أن تسألك، فهذا غير جائز إلا إذا سُئلت، والنبي ﷺ يقول: (المستشار مؤتمن)، أي: أنه أمين على المشورة.
ويقول ﷺ: (أيما رجل استشير في مسألة فأشار فيها بأمر وهو يعلم أن الرشد في غير ما أشار به فقد خان).
وذكر العيوب الكاملة في بعض نقلة السنن التي يؤدي السكوت عن إظهارها عنهم وكشفها عليهم إلى تحريم الحلال وتحليل الحرام، وإلى الفساد والإفساد في شريعة الإسلام؛ أولى بالجواز وأحق بالإظهار.
أي: إذا كانت الغيبة مسموح بها شرعًا فيما يتعلق بزواج رجل من امرأة أو بدخول رجل أو خروجه، فلا شك أنها واجبة من باب أولى في راو يتعلق بنقل الحلال أو الحرام؛ لأنه ربما يأتي وضّاع فيروي رواية تحل حرامًا في الأصل، أو تحرم حلالًا في الأصل، فلو لم تكن النصيحة هنا -بمعنى جرحه وإظهار عيبه- واجبة في هذا الموطن فلا شك أنه سيغير الشريعة تمامًا، فيجعل الحلال حرامًا والحرام حلالًا، فالنصيحة هنا وإظهار العيب من أوجب الواجبات.
2 / 5