فوقه.
حملوه إلى بيته وهو يتألم. حضر عثمان فعرف أن هناك كسرا في أحد أضلاعه. أحضروا نعشا وحملوه إلى طريق السيارات وذهبوا به إلى مدينة تعز للعلاج، وباع ناجي حقلين من حقوله إلى الجزار مقبل الدسم تكلفة علاجه. كان أصحاب قرية نجاد أناسا طيبين، يقرضون أهالي قرية القرن المال، مقابل رهن حقولهم لديهم التي بدأت تنتقل إلى قرية نجاد. كان زربة أكثر المديونين لمقبل الدسم، حق القات واللحم.
حين يكون زربة في مدينة تعز، يصلي صلاة الجمعة في مسجد ... الذي يخطب فيه محمد مدهش. لاحظ المسجد يغوص بالمصلين، فالتحول الأيديولوجي الذي حدث في المدينة ونواحيها كان كبيرا، وهي التي كانت إلى ما قبل الثمانينات من القرن العشرين تناصر الأحزاب التقدمية في البلاد. كان نشاط السلفيين في المناطق الشمالية من البلاد كصعدة، ودماج ... يقابله نشاط للإخوان المسلمين في تعز وإب وعدة مدن أخرى؛ حتى إنهم حققوا فوزا كبيرا في الانتخابات البرلمانية على جميع الأحزاب الأخرى في تعز، شيء لم يتوقعه أحد من الناس. حين كان زربة يقابل محمد مدهش في المسجد، يقابله بفتور. عرف زربة أنه أصبح مديرا لمعهد تدريب تقني وقد تزوج بالزوجة الثالثة؛ ليطبق السنة كما يراها.
وهو في شارع المسبح التقى زربة بصديق صباه سعيد السلفي مصادفة، كان سعيد أحد أهالي قرية عامر القريبة من قرية القرن يسير برفقته فتيان. أتى من صعدة حيث يعمل مدرسا في مدرسة دار الحديث في دماج، ويعيش مع أطفاله هناك، في حي كبير يضم معظم الدارسين في المدرسة وعائلاتهم. أخبره سعيد أنه أتى يحضر طلابا راغبين في الدراسة في مدرسة دار الحديث، وسيعود بخمسة طلاب هذه المرة. كان سعيد مستعجلا في أمره فودعا بعضهما وذهب كل في طريقه.
15
قاول زربة في بناء مسجد في قرية الحباترة، وكانت هذه أول مرة يعقد صفقة مربحة له، ثم أخذ بعد ذلك يبني مساجد في أماكن عدة على نفقة جمعية خيرية إماراتية تقدم مساعدات في بناء المساجد، ومدارس تحفيظ القرآن، وكان هناك منظمات دولية أخرى تقوم بتمويل شق الطرقات التي تفرعت إلى قرى كثيرة وسهلت حركة المواطنين.
انتشرت زراعة القات وتعددت أنواعه ومصادره على حساب الأراضي الزراعية، وحفرت له الآبار ليسقوا جذوره التي لا ترتوي. أصبح زربة وغيره من المواطنين يمضغون القات من مختلف الأنواع: سامعي، يوسفي، شرو، صعفاني، جدة، جندي، ضالعي، مريسي، صهباني، سحولي، عنسي، أرحبي، همداني، ضلاعي، صوطي ، صعدي، عصري، حيمي، نهمي، مطري، حرازي ظراسي، صبري، جوفي، شامي ...
ازداد دخل زربة المادي فكان يمضغ القات الغالي الثمن، ويشتري لحم الضأن والحلاوة الجيدة، والتبغ الجيد ويفكر بزوجة جديدة، يفضل أن تكون أرملة لديها أطفال، فلديه تسعة أولاد، بعد أن ولدت له زوجته صفية أخيرا توأما؛ سمية وسامي.
ذات مساء والجو حار وزربة يمضغ القات بجوار صفية، كان صوت المداعة يعلو في المكان، والعرق يتصبب من جبينه. كانت يده اليمنى على ركبته تحرك عودا طويلا من القات. رأى نفسه يقف بين الأهالي يطلب منهم أن يوقعوا له على طلب من الدولة ليكون شيخهم وتعهد للأهالي بالمطالبة بمشاريع تخدم القرية. ثم رأى نفسه يأخذ الموافقة من الدولة بسهولة، فأصدرت له بطاقة شيخ، وزودته براتب وسيارة، وعين له أربعة مرافقين. تعهد سرا بكسب الأنصار للحزب الحاكم في الانتخابات، ثم بنى دارا ضخمة في القرية أفضل من دار المرحوم صالح عاقل القرية سابقا، وخصص لكل ولد من أولاده غرفته الخاصة. وزوج ولديه نجيب ومنير اللذين صارا شابين، وأحضر للضيوف قات حرامي من حجة. رقص زربة أمام المهمشين الذين كانوا يقرعون الطبول في حفل زفاف ولديه. ثم رأى نفسه يبنى دارا لزوجته الجديدة. أما صفية رأت أنها دعت نساء القرية لنقل الحطب معها من الجبل، بعد أن قام سالم الحطاب بتقطيعه من الأشجار وكدسته بجوار البيت، وامتلكت بقرة ثانية وعشرين دجاجة، وساعدت زربة بحفر خزان كبير بجوار البيت لجمع مياه الأمطار.
16
अज्ञात पृष्ठ