وكنت تعزيتي.
وكنت زماني، يا ابنة الزمان!
وعلى هذا ما كان أطول إعراضك عني، وأقل اهتمامك بي! في النهار، كنت تطوقين ساعدي فيوجعه أثر سلسلتك، وأجيب أنا على هذا العنف بلمسة التلطيف. وفي المساء، كنت تستريحين بجوار وسادتي، فأوقع على موسيقاك الساهية ألحان أحلامي وآمالي، وفي المساء، كنت أول عين أشاهدها، وأول روح أستجوبها.
كل ذلك وأنت لا تنتبهين.
وها قد هجرتني. فقدتك وفقدتني، فسيري بحراسة الله وانسيني!
ولكن انتخبي اليد التي ستطوقينها!
فإذا وقعت في يد شرير وقصد استعمالك ليؤذي أخا له، فانقلبي أفعى لساعة ولا تبرحي مفرغة فيه سمك حتى تصرعيه قتيلا. ... لكن لا! لا، ليس الأشرار إلا ضحايا البشر وضحايا نفوسهم لو كنت تعلمين، وهم أخلق بالرحمة من الأخيار الصالحين؛ فلا تتحولي حية ولا تؤذي شريرا، بل غادري تلك اليد المسكينة، واسقطي في طريق أب فقير صالح؛ لتكوني نصيب فتاة لم تلبس في حياتها حلية. زيني يدا شوهت خشونة الخدمة جمالها، ونامي على زند الفتاة الغريبة بدلال القبلة والتحبب! نامي هناك وأسعدي، ولو ساعة، قلبا بائسا يحسب السعادة في الغنى!
نامي هناك وانسيني، ولكن!
إن كان لديك ذاكرة تذكر، يا ساعتي الصغيرة المحبوبة، اذكري لحظة ما شهدته معي من المسرات واللهفات، اذكري واحفظي ما تعرفين.
ولكن ألست ابنة الزمان الذي ننسب إليه في ضعفنا كل شيء، وهو في قوته لا يبالي بشيء؟ ترى بأي حافظة تذكرين، وبأي ذهن تتأملين؟ إنما علاماتك مداد قد تحجر، وعقربك أصبع يشير إلى علامة يجهل منها المعنى، وأنت آلة ليس إلا، وإن كنت آلة الآلات المثلى.
अज्ञात पृष्ठ