الروم
كان العرب يطلقون على المملكة البيزنطية «بلاد الروم»، ومن ثم أطلقوا على البحر الأبيض المتوسط «بحر الروم»، وعلى مر الزمان كان أكثر ما يطلق اسم الروم على بلاد النصارى المتاخمين للمملكة الإسلامية؛ ولهذا كان أكثر ما يطلق على بلاد النصارى في آسيا الصغرى، وكانت تسمى الحدود التي بين الدولة الإسلامية والدولة البيزنطية «الثغور» ممتدة من ملطية إلى أعلى الفرات وإلى طرسوس، وكانت هذه الثغور محصنة من الجانبين، ومنقسمة إلى قسمين: ثغور الجزيرة، وثغور الشام، فمن الأول ملطية، وزبطرة، وحصن منصور، والحدث، ومرعش، والهارونية، والكنيسة، وعين زربة، ومن الثاني: المصيصة، وأذنة، وطرسوس.
ومنذ فتح الشام ومصر في عهد عمر بن الخطاب، والحروب قائمة بين المسلمين والروم، والذي نريد أن نعرض له الآن ما كان بين الروم والمسلمين في العصر الذي نؤرخه؛ فقد كثرت الحروب بين الفريقين، وكانت هذه الثغور بين حركتي مد وجزر باستمرار، فمن ابتداء هذا العصر حدثت وقعة عمورية المشهورة في عهد المعتصم، واستمرت بعد ذلك واشتدت بين الروم والحمدانيين، وعلى الأخص أيام سيف الدولة الحمداني.
وليس يهمنا هنا تاريخ هذه الحروب، ولا جانبها السياسي، وإنما يهمنا ما كان لها من أثر اجتماعي أو عقلي.
فقد كانت هذه الحروب سببا في أسر عدد كبير من الروم، واسترقاق كثير منهم؛ ففي وقعة عمورية «أقبل الناس بالأسرى والسبي من كل وجه، فأمر المعتصم أن يعزل منهم أهل الشرف، وقتل من سواهم، وأمر ببيع المغانم في عدة مواضع ... وكان لا ينادي على شيء أكثر من ثلاثة أصوات ثم يوجب بيعه طلبا للسرعة، وكان ينادي على الرقيق خمسة خمسة، عشرة عشرة، طلبا للسرعة».
77
وكانت حرب بين الروم والمسلمين في صقلية سنة 353ه، فتقدم المسلمون إلى «رمطة» وملكوها عنوة وقتلوا من فيها، وسبوا الحرم والصغار وغنموا ما فيها، وكان شيئا كثيرا عظيما».
78
وفي سنة 343ه غزا سيف الدولة الروم «فقتل وأسر وسبى وغنم»، فانهزم الروم وقتل منهم وممن معهم خلق عظيم، وأسر صهر الدمستق وابن ابنته وكثير من بطارقته».
79
अज्ञात पृष्ठ