الأول : ما فيها من التحدي والتحريص على الجد وبذل الوسع في المعارضة بالتقريع والتهديد ، وتعليق الوعيد على عدم الإتيان بما يعارض أقصر سورة من سور القرآن. ثم إنهم مع كثرتهم واشتهارهم بالفصاحة وتهالكهم على المضادة لم يتصدوا لمعارضته ، والتجأوا إلى جلاء الوطن وبذل المهج.
والثاني : تضمنهما الإخبار عن الغيب بقوله : ( لن تفعلوا )، فإنهم لو عارضوه شيء لامتنع خفاؤه عادة ، مع أن الطاعنين فيه كثيرون في كل عصر.
والثالث : أنه صلى الله عليه وآلهوسلم لو شك في أمره لما دعاهم إلى المعارضة بهذه المبالغة مخافة أن يعارض فتدحض حجته. وفذلكة الآية الأخيرة دالة على أن النار مخلوقة معدة لهم الآن.
( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون (25))
ثم عطف حال من آمن بالقرآن ووصف ثوابه على حال من كفر به وكيفية عقابه ، على ما جرت به العادة الإلهية من أن يشفع الترغيب بالترهيب ، تنشيطا لاكتساب ما ينجي ، وتثبيطا (1) عن اقتراف ما يردي ، فقال جل ذكره : ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات ).
الظاهر عطف هذه على الجمل السابقة. والمقصود عطف حال المؤمنين على حال الكافرين كما مر آنفا ، لا عطف الفعل نفسه حتى يجب أن يطالب له ما يشاكله
पृष्ठ 92